وما نخشى أن يكون جندب كذب على النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: "كان فيمن كان قبلكم رجل به جرح فجزع فأخذ سكينًا فحزّ بها يده، فما رقأ الدمُ حتى مات. قال الله تعالى: بادرني عبدي بنفسه، حرمت عليه الجنة".
وفي رواية: خرج برجل خُرّاج - أي القرحة.
متفق عليه: رواه البخاري في أحاديث الأنبياء (٣٤٦٣) ومسلم في الإيمان (١٨١: ١١٣) كلاهما من طريق جرير قال: سمعت الحسن يقول، فذكره.
قوله: "فما رقأ الدم" أي لم ينقطع.
قوله: "بادرني بنفسه" قد استشكل لأنه يقتضي أن يكون من قُتل فقد مات قبل أجله لما يوهمه سياق الحديث من أنه لو لم يقتل نفسه كان قد تأخر عن ذلك الوقت وعاش، لكنه بادر فتقدم.
قال القاضي أبو بكر بن العربي: "قضاء الله مطلق ومقيد بصفة، فالمطلق يمضي على الوجه بلا صارف، والمفيد على الوجهين، مثاله أن يقدر لواحد أن يعيش عشرين سنة إن قتل نفسه وثلاثين سنة إن لم يقتل.
وهذا بالنسبة إلى ما يعلم به المخلوق كالموت مثلًا، وأما بالنسبة إلى علم الله فإنه لا يقع إلا ما علمه. انظر: فتح الباري (٦/ ٥٠٠).
• عن أبي هريرة، عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال: "من تردّى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردّى فيه خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومن تحسّى سمًا فقتل نفسه فسمّه في يده يتحسّاه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا".
متفق عليه: رواه البخاري في الطب (٥٧٧٨) ومسلم في الإيمان (١٠٩) كلاهما من طريق خالد بن الحارث، حدثنا شعبة، عن سليمان (هو الأعمش)، قال: سمعت ذكوان يحدث عن أبي هريرة، فذكره.
ورواه الترمذي (٢٠٤٣, ٢٠٤٤) من طرق عن الأعمش بإسناده مثله.
وقال: وروى محمد بن عجلان، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال: "من قتل نفسه بسم عذّب في نار جهنم" ولم يذكر فيه "خالدًا مخلدًا فيها أبدًا" وهكذا رواه أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: "وهذا أصح، لأن الروايات إنما تجيء بأن أهل التوحيد يعذّبون في النار، ثم يخرجون منها. ولم يذكر أنهم يخلّدون فيها". انتهى.
قلت: حديث أبي الزناد أخرجه البخاري (١٣٦٥) عن أبي اليمان، أخبرنا شعيب، عنه، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الذي يخنق نفسه يخنقها في النار، والذي