يطعنها بطعنها في النار".
ونحوه رواه أيضا محمد بن عجلان، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة.
ومن طريقه رواه الإمام أحمد (٩٦١٨) وابن حبان (٥٩٨٧) ورواه الطحاوي في مشكله (١٩٥) من طريق مالك بن أنس، عن أبي الزناد بإسناده.
وزادوا في حديثهم: "الذي يقتحم فيها يقتحم في النار".
أي يوقع نفسه في المهالك بأن يتردى من جبل أو يفعل نحوه.
وأما معنى قوله: "فهو في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا" فقال النووي في شرح مسلم: فيها أقوال:
أحدها: أنه محمول على من فعل ذلك مستحلا مع علمه بالتحريم. فهذا كافر. وهذه عقوبته.
والثاني: أن المراد بالخلود طول المدة، والإقامة المتطاولة لا حقيقة الدوام. كما يقال: خلّد الله ملك السلطان.
والثالث: أن هذا جزاءه، ولكن تكرم الله سبحانه وتعالى فأخبر أنه لا يخلد في النار من مات مسلمًا". انتهى.
والدليل على أن قاتل النفس لا يكفر الحديث الآتي:
• عن جابر، أن الطفيل بن عمرو الدوسي أتى النبي صلَّى الله عليه وسلَّم فقال: يا رسول الله! هل لك في حصن حصين ومنعة؟ (قال: حصن كان لدوس في الجاهلية) فأبى ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -، للذي ذخر الله للأنصار. فلما هاجر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة. هاجر إليه الطفيل بن عمرو. وهاجر معه رجل من قومه. فاجتووا المدينة، فمرض، فجزع، فأخذ مشاقص له، فقطع بها براجمه، فشخبتْ يداه حتى مات. فرآه الطفيل بن عمرو في منامه. فرآه وهيئتُه حسنة، ورآه مغطيًا يديه. فقال له: ما صنع بك ربك؟ فقال: غفر لي بهجرتي إلى نبيه - صلى الله عليه وسلم -. فقال: ما لي أراك مغطيًا يديك؟ قال: قيل لي: لن نُصلح منك ما أفسدت. فقصها الطفيل على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اللَّهم! وليديه فاغفر".
صحيح: رواه مسلم في الإيمان (١١٦) من طرق عن سليمان بن حرب، حدثنا حماد بن زيد، عن حجاج الصواف، عن أبي الزبير، عن جابر فذكره.
وقوله: "فاجتووا المدينة": معناه كرهوا المقام بها لضجر ونوع من السقم.
وقوله: "مشاقص": جمع مشقص، وهو سهم فيه نصل عريض.
وقوله: "براجم": براجم جمع برجمة، وهو مفاصل الإصبع.
وقوله: "شخبت يداه": أي سال دمهما بقوة.
وفيه أن من قتل نفسه ومات من غير توبة فليس بكافر، ولا يقطع له بالنار بل هو في حكم المشيئة.