أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النحل: ١٠٦] فنسخ واستثنى من ذلك فقال: {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ}[النحل: ١١٠] وهو عبد الله بن سعد بن أبي السرح، الذي كان على مصر، كان يكتب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأزله الشيطان، فلحق بالكفار، فأمر به أن يقتل يوم الفتح، فاستجار له عثمان بن عفان، فأجاره رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وإسناده حسن من أجل علي بن حسين وأبيه فإنهما حسنا الحديث.
وقصته مستفيضة في كتب المغازي والسير، ومنها ما رواه أبو داود، وهو الآتي:
• عن سعد بن أبي وقاص قال: لما كان يوم فتح مكة اختبأ عبد الله بن سعد بن أبي سرْح عند عثمان بن عفان، فجاء به حتى أوقفه على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، بايع عبد الله. فرفع رأسه فنظر إليه ثلاثا، كل ذلك يأبى. فبايعه بعد ثلاث، ثم أقبل على أصحابه فقال:"أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حيث رآني كففت يدي عن بيعته فيقتله" فقالوا: ما ندري يا رسول الله، ما في نفسك ألا أومأت إلينا بعينك! قال:"إنه لا ينبغي لنبي أن تكون له خائنة الأعين".
صحيح: رواه أبو داود (٤٣٥٩) والنسائي (٤٠٦٧) كلاهما من حديث أحمد بن المفضل، حدثنا أسباط بن نصر، قال زعم السدي، عن مصعب بن سعد، عن سعد بن أبي وقاص فذكره. وإسناده صحيح واللفظ لأبي داود.
وأما النسائي فرواه بأبسط من هذا فقال: لما كان يوم فتح مكة آمن رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلا أربعة نفر، وامرأتين وقال: اقتلوهم وإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة: عكرمة بن أبي جهل، وعبد الله بن خطل، ومقيس بن صبابة، وعبد الله بن سعد بن أبي السرح".
فأما عبد الله بن خطل فأدرك وهو متعلق بأستار الكعبة فاستبق إليه سعيد بن حريث وعمار بن ياسر. فسبق سعيدٌ عمارًا. وكان أشبّ الرجلين فقتله. وأما مقيس بن صبابة فأدركه الناس في السوق فقتلوه. وأما عكرمة فركب البحر، فأصابتهم عاصف. فقال أصحاب السفينة: أخلصوا فإن آلهتكم لا غني عنكم شيئًا هاهنا.
فقال عكرمة: والله لئن لم ينجّني من البحر إلا الإخلاص لا ينجّني في البر غيره. اللهم إن لك عليّ عهدًا إن أنت عافيتني مما أنا فيه أن آتي محمدًا حتى اضع يدي في يده. فلأجدنّه عفوا كريما. فجاء فأسلم. وأما عبد الله بن أبي السرح فإنه اختبأ عند عثمان بن عفان. فلما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلى البيعة، جاء به حتى أوقفه على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، بايع عبد الله فذكر بقية القصة. هذه قصة ابن أبي سرْح أنه أسلم، ثم ارتد ولحق بأهل مكة، وبدأ يفتري على الله ورسوله فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقتله.