وأما ما ذكر في كتب التفسير أنه - صلى الله عليه وسلم - إذا أملى عليه:"سميعا عليمًا" فكتب عليما حكيما" وإذا قال: "عليما حكيما" كتب "سميعا عليما" فشك وكفر وقال: إن كان محمد يوحى إليه، فقد أوحي إلي، وإن كان الله ينزله، فقد أنزلتُ مثل ما أنزل الله، قال محمد: "سميعا عليما" فقلت أنا: "عليما حكيما" فلحق بالمشركين.
ووشى بعمار وجبير عند ابن الحضرمي - أو لبني عبد الدار، فأخذوهم، فعُذّبوا حتى كفروا، وجدع أذن عمار يومئذ فانطلق عمار إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأخبره بما لقي، والذي أعطاهم من الكفر، فأبى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتولاه، فأنزل الله في شأن ابن أبي سرح وعمار وأصحابه من كفر بالله من بعد إيمانه:{إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا}[النحل: ١٠٦] فالذي أكره عمار وأصحابه، والذي شرح بالكفر صدرًا ابن أبي سرح. فهو ضعيف.
رواه ابن جرير الطبري - سورة الأنعام: آية ٩٣ - عن محمد بن الحسين قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي قال:{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ} إلى قوله: {الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ}[الأنعام: ٤٣] قال: نزلت في عبد الله بن سعد بن أبي سرْح، أسلم وكان يكتب للنبي - صلى الله عليه وسلم - فكان إذا أملى عليه: "سميعًا عليمًا ... فذكره. وإسناده معضل. وفيه أسباط وهو ابن نصر الهمداني.
قال النسائي:"ليس بالقوي، وضعّفه أبو نعيم، وتوقف أحمد، ولكن وثّقه ابن معين"، وقال البخاري:"صدوق".
وكذلك روي نحوه من طريق ابن جريج، عن عكرمة. وابن جريج لم يسمع من عكرمة، وفيه إرسال. ونظرًا لضعف هذه الروايات لم يذكرها ابن كثير كعادته من سرد روايات ابن جرير الطبري. وأما ما رُوي عن جابر بن عبد الله قال: ارتدت امرأة عن الإسلام. فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يعرضوا عليها الإسلام، فإن أسلمت وإلا قُتلت. فعرض عليها الإسلام فأبت أن تُسلم، فقتلت. واسمها أم مروان. فهو ضعيف.
رواه الدارقطني (٣/ ١١٩) من وجهين عن محمد بن المنكدر، عن جابر، قال الحافظ ابن حجر في "التلخيص"(٤/ ٤٩): "وإسنادهما ضعيفان".
وكذلك لا يصح ما روي عن عائشة أن امرأة ارتدت يوم أحد فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تُستتاب، فإن تابت وإلا قتلت. رواه الدارقطني أيضا من طريق الزهري، عن عروة، عن عائشة فذكرته.
قال الحافظ ابن حجر:"وروي من وجه آخر ضعيف عن الزهري ... ".
ويستفاد من هذه الأحاديث أن المرتدة حكمها حكم المرتد. وقد ثبت أن أبا بكر قتل امرأة في خلافته ارتدت، والصحابة متواجدون، فلم ينكر ذلك عليه أحد.
وقال به ابن عمر والزهري وإبراهيم النخعي كما قال البخاري، وإليه ذهب جمهور أهل العلم: