وقلتُ: وبه قال أيضًا الشافعيّ، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، وأبو يوسف صاحب أبي حنيفة، وجمع من أهل العلم من الصّحابة والتابعين.
وأمّا ما رُوي عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من كان له سعة ولم يضحِّ، فلا يقربنَّ مصلانا" ففيه ضعف.
رواه ابن ماجة (٣١٢٣) عن أبي بكر بن أبي شيبة، قال: حَدَّثَنَا زيد بن الحُباب، حَدَّثَنَا عبد الله بن عَيَّاش، عن عبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة فذكره.
ورواه أحمد (٨٢٧٣)، والحاكم (٤/ ٢٣١ - ٢٣٢) من طريق عبد الله بن يزيد المقريء، عن عبد الله بن عَيَّاش به.
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وليس كما قال؛ فإن عبد الله بن عَيَّاش القتباني قد ضعَّفه أبو داود والنسائيّ، وقال أبو حاتم: "ليس بالمتين صدوق يُكتب حديثُه" ولذا قال الحافظ: "صدوق يخلط أخرج له مسلم في الشواهد".
فهو ضعيف يُعتبر به، لكن لا يُعرف له متابع بل قد اختلف عليه في إسناده فرواه الحاكم (٤/ ١٣٢) من طريق وهب، أخبرني عبد الله بن عَيَّاش، عن عبد الرحمن الأعرج حدَّثه عن أبي هريرة قال: "من وجد سعة فلم يضح معنا، فلا يقربن مصلانا" موقوفًا.
ورواه الدَّارقطنيّ (٤٧٤٣) من طريق ابن وهب، حَدَّثَنَا عبد الله بن عَيَّاش عن عيسى بن عبد الرحمن بن فروة الأنصاريّ، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة مثله موقوفًا.
والموقوف أشبه بالصواب؛ قال البيهقيّ في الكبرى (٩/ ٢٦): "بلغني عن أبي عيسى الترمذيّ أنه قال: "الصَّحيح عن أبي هريرة موقوف. قال: ورواه جعفر بن ربيعة وغيره عن عبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة موقوفًا، وحديث زيد بن الحباب غير محفوظ".
وقال البيهقيّ في "الصغرى" كما في المنة الكبرى (٤/ ٤٦١): "والموقوف أصح" وكذا قال الدَّارقطنيّ كما نقله ابن الجوزي في "التحقيق". راجع للمزيد "المنة الكبرى".
وكذلك لا يصح ما رُوِيَ عن مِخنف بن سُليم قال: ونحن وقوف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفات قال: قال: "يا أيها الناس، إنَّ على كل أهل بيت في كل عام أُضحية وعتيرة، أتدرون ما العتيرة؟ هذه التي يقول عنها الناس: الرجبية".
رواه أبو داود (٢٧٨٨)، والتِّرمذيّ (١٥١٨)، والنسائي (٤٢٢٤)، وابن ماجة (٣١٢٥)، والإمام أحمد (١٧٨٨٩) من طرق عن عبد الله بن عون، عن عامر أبي رمْلة قال: أخبرنا مخنف بن سُليم فذكره.
وزاد النسائيّ: قال معاذ راويه عن ابن عون: كان ابن عون يَعْتِرُ، أَبْصَرَتْه عيني في رجب" وقال الترمذيّ: "حديث حسن غريب لا نعرف هذا الحديث إِلَّا من هذا الوجه من حديث ابن عون. اهـ.
كذا قال! وفي إسناده عامر أبو رملة، تفرّد عنه ابن عون ولم يوثَّق، لذا قال الذّهبيّ في