ولا يعرفون أحدًا من العلماء ذكر أن شيئا من الأحكام، لا يصح إلا بالإمام الأعظم". الدرر السنية في الأجوبة النجدية (١٢/ ٥).
وقال الشوكاني رحمه الله تعالى: "وأما بعد انتشار الإسلام واتساع رقعته وتباعد أطرافه فمعلوم أنه قد صار في كل قطر أو أقطار الولايةُ إلى إمام أو سلطان وفي القطر الآخر أو الأقطار كذلك ولا ينفذ لبعضهم أمر ولا نهي في قطر الأخر وأقطاره التي رجعت إلى ولايته فلا بأس بتعدد الأئمة والسلاطين ويجب الطاعة لكل واحد منهم بعد البيعة له، على أهل القطر الذي ينفذ فيه أوامره ونواهيه وكذلك صاحب القطر الآخر فإذا قام من ينازعه في القطر الذي قد ثبتت فيه ولايته وبايعه أهله كان الحكم فيه أن يقتل إذا لم يتب". السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار (١/ ٩٤١).
ولذا لم نجد من زمن بعيد أن أحدًا من العلماء اعترض على حكم المغول والغزنويين، والمماليك والفاطميين والعثمانيين بأنهم ليسوا من قريش، بل أطاعوهم وجاهدوا معهم الكفار، وتولوا مناصب حساسة كالقضاء ونظارة الأوقاف وإدارة التعليم وغيرها.
وأما ما قيل: إن اشتراط القرشية في الإمام الأعظم يتضمن العصبية، وقد حارب الإسلام العصبية الجاهلية فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في فتاواه (٩/ ٤٢٩ - ٤٣٠): "هذا لا يعني - أي النهي عن العصبية - عدم التفضيل بين الأجناس، فإن جمهور العلماء على أن جنس قريش خير من غيرهم ولكن تفضيل الجملة لا يستلزم أن يكون كل فرد أفضل من كل فرد، فإن في غير العرب خلقا كثيرا خيرا من أكثر العرب، وفي غير قريش من المهاجرين والأنصار خير من قريش وهذا في أحكام الدنيا، وأما أحكام الآخرة من الثواب والعقاب والكرامة عند الله فهذا لا يؤثر فيه النسب، وإنما مرده إلى التقوى والعمل الصالح فحسب" اهـ.
• عن معاوية قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الناس تبع لقريش في هذا الأمر، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا، والله لولا أن تبطر قريش لأخبرتها ما لخيارها عند الله عز وجل".
صحيح: رواه أحمد (١٦٩٢٧)، وابن أبي شيبة (٣٣٠٥٤) كلاهما عن أبي نعيم الفضل بن دكين، حدثنا عبد الله بن مبشر مولى أم حبيبة، عن زيد بن أبي عتاب، عن معاوية .. فذكره. وعند ابن أبي شيبة: قام معاوية على المنبر فقال .. فذكره. وإسناده صحيح.
وقال الهيثمي في المجمع:(٤/ ٢١٧): ورجاله ثقات".
• عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الناس تبع لقريش في هذا الشأن، مسلمهم تبعٌ لمسلمهم، وكافرهم تبعٌ لكافرهم.
متفق عليه: رواه البخاري في المناقب (٣٤٩٥)، ومسلم في الإمارة (١٨١٨) كلاهما من طريق قتيبة بن سعيد، حدثنا المغيرة الحزامي، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة .. فذكره.