طريق الحافظ أبي القاسم في كتابه "الطّوالات" من هذا الوجه: "هذا حديث غريب جدًا، ولبعضه شواهد في الأحاديث المتفرقة، وفي بعض ألفاظه نكارة، تفرّد به إسماعيل بن رافع قاص أهل المدينة، وقد اختُلف فيه، فمنهم من وثقه، ومنهم من ضعّفه. ونصّ على نكارة حديثه غير واحد من الأئمة كأحمد بن حنبل، وأبي حاتم الرّازيّ، وعمرو بن الفلاس. ومنهم من قال فيه: هو متروك. وقال ابن عدي: أحاديثه كلّها فيها نظر، إلا أنه يكتب حديثه في جملة الضّعفاء. وقال: وقد اختلف عليه في إسناد هذا الحديث على وجوه كثيرة، قد أفردتُها في جزء على حدة، وأما سياقه فغريب جدًّا، ويقال: إنه جمعه من أحاديث كثيرة، وجعله سياقًا واحدًا، فأُنكر عليه بسبب ذلك". انتهى.
وكذلك لا يصح ما رُوي عن ابن عباس أنه قال:"بينا جبريل معه رسول اللَّه يناجيه، إذ انشقّ أفق السّماء فدخل جبريل من ذلك خوف فإذا ملك قد مثل بين يدي النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: يا محمد إنّ اللَّه يأمرك أن تختار عبدًا نبيًّا أو ملكًا نبيًا؟ فأشار إليّ جبريل بيده أن تواضع، فقلت: "عبدًا نبيًّا"، فارتفع ذلك الملك إلى السماء، فقلت: "يا جبريل أردت أن أسألك عن هذا، فرأيت من حالك ما شغلني عن المسألة، فمن هذا يا جبريل؟ ". قال: هذا إسرافيل خلقه اللَّه يوم خلقه، بين يديه صافًّا قدميه، لا يرفع طرفه، بينه وبين الرّب سبعون نورًا، ما منها نور، كاد يدنو منه إلا احترق، بين يديه لوح، فإذا أراد اللَّه في شيء من السماء، أو في الأرض، ارتفع ذلك اللوح فضرب جبينه، فينظر فيه، فإن كان من عملي أمرني به، وإن كان من عمل ميكائيل أمره به، وإن كان من عمل ملك الموت أمره به. قلت: "يا جبريل، وعلى أيش أنت؟ ". قال: على الرّيح والجنود. قلت: وعلي أيش ميكائيل؟ قال: على النبات والقطر، فقلت: "على أيش ملك الموت؟ ". قال: على قبض الأنفس. وما ظننته هبط إلا لقيام الساعة، وما الذي رأيت مني إلا خوفًا من قيام الساعة".
رواه محمد بن عثمان بن أبي شيبة في "كتاب العرش"(٧٥) بتحقيق ابن الحمود، والطبراني في الكبير (١٢٠٦١) عن محمد بن عمران بن أبي ليلى، عن أبيه، حدّثنا ابن أبي ليلى، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس، فذكر الحديث.
وعمران بن أبي ليلى هو: عمران بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاريّ لم يرو عنه إلّا ابنه محمد، كما لم يوثقه غير ابن حبان ولذا قال الحافظ في التقريب:"مقبول". وحيث أنه لم يتابع فهو لين الحديث.
وابن أبي ليلى هو: محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وبه أعله الهيثمي في "المجمع"(٩/ ١٩) لسوء حفظه.
وما روي أيضًا عن ابن عمر قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "لقد هبط عليَّ ملك من السماء، ما هبط على ملك من السماء، ما هبط على نبي قبلي، ولا يهبط على أحد بعدي، وهو إسرافيل وعنده جبريل، فقال: السّلام عليك يا محمد، ثم قال: أنا رسولُ ربِّك إليك أمرني أن أخبرك إن شئتَ نبيًّا عبدًا، وإن شئتَ ملكًا، فنظرتُ إلى جبريل فأومأ جبريل إليّ أن تواضع. فقال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عند ذلك: