بحظه من تلك النار أعظم تنور في الدنيا يحمّونه ثم يدخلونه إياه فيطبق به عليه، وأن ينجو من تلك النار غدًا. قالوا له: ويحك وما آية ذلك؟ قال: نبي يبعث من نحو هذه البلاد، وأشار بيده نحو مكة واليمن، قالوا: ومتى تراه؟ قال: فنظر إلي وأنا من أحدثهم سنًّا، فقال: إن يستنفذ هذا الغلام عمرَه يدركه. قال سلمة: فوالله! ما ذهب الليل والنهار حتى بعث الله تعالى رسوله - صلى الله عليه وسلم - وهي حي بين أظهرنا، فآمنا به، وكفر به بغيًا وحسدًا، فقلنا: ويلك يا فلان! ألست بالذي قلت لنا فيه ما قلت؟ قال: بلى وليس به.
حسن: رواه أحمد (١٥٨٤١) والطبراني في الكبير (٧/ ٤٧) والحاكم (٣/ ٤١٧ - ٤١٨) والبيهقي في الدلائل (٢/ ٧٨) كلهم من طريق محمد بن إسحاق وهو في سيرة ابن هشام (١/ ٢١٢) قال: حدثني صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، عن محمود بن لبيد أخي بني عبد الأشهل، عن سلمة بن سلامة بن وقش، فذكره.
قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم.
قلت: إسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق فإنه حسن الحديث إذا صرّح.
وسلمة بن سلامة بن وقش من أهل العقبة الأوى والثانية. وشهد بدرًا والمشاهد بعدها.
• عن ابن عمر قال: حاربت النضير وقريظة. فأجلى بني النضير وأقرّ قريظة ومنّ عليهم، حتى حاربت قريظة. فقتل رجالهم، وقسم نساءهم وأولادهم وأموالهم بين المسلمين، إلا أن بعضهم لحقوا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - فآمنَهم وأسلموا. وأجلى يهود المدينة كلهم. بني قينقاع وهم رهط عبد الله بن سلّام، ويهودَ بني حارثة، وكلَّ يهود المدينة.
متفق عليه: رواه البخاري في المغازي (٤٠٢٨) ومسلم في الجهاد (١٧٦٦) كلاهما من حديث عبد الرزاق، أخبرنا ابن جريج، عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر، فذكره.
قوله: بعضهم لحقوا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - فآمنهم وأسلموا: كان منهم ثعلبة بن سعْية وأسيد بن سعْية وأسد بن عبيد ونفر من بني هَدْل إخوة بني قريظة.
قال ابن إسحاق: وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن شيخ من بني قريظة قال لي: هل تدري عم كان إسلام ثعلبة بن سعية وأسيد بن سعية وأسد بن عبيد، نفر من بني هدل، إخوة بني قريظة، كانوا معهم في جاهليتهم، ثم كانوا سادتهم في الإسلام. قال: قلت: لا والله! قال: فإن رجلًا من يهود من أهل الشام، يقال له: ابن الهيّبان، قدم علينا قبيل الإسلام بسنين، فحل بين أظهرنا، لا والله ما رأينا رجلًا قط لا يصلي الخمس أفضل منه، فأقام عندنا فكنا إذا قحط عنا المطر قلنا له: اُخرج يا ابن الهيبان! فاستسق لنا، فيقول: لا والله! حتى تُقدّموا بين يدي مخرجكم صدقة، فنقول