أنا رسولُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، يقول:"إن لكم أن تأكلوا حتى تشبعوا، وتكتالوا حتى تستوفوا"، قال: فأكلنا حتى شبعنا واكتلنا حتى استوفينا، قال: ثم قدمنا المدينة من الغد، فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائم يخطب على المنبر، وهو يقول:"يد المعطي العليا، وابدأ بمن تعول: أمك وأباك، وأختك وأخاك، وأدناك أدناك"، فقام رجل فقال: يا رسول الله! هؤلاء بنو ثعلبة بن يربوع قتلوا فلانا في الجاهلية، فخذ لنا بثأرنا منه، فرفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يديه حتى رأيت بياض إبطيه وقال:"ألا لا تجني أم على ولد، ألا لا تجني أم على ولد".
حسن: رواه ابن حبان (٦٥٦٢)، والدارقطني (٣/ ٤٤ - ٤٥)، والحاكم (٢/ ٦١١ - ٦١٢) كلهم من حديث يزيد بن زياد بن أبي الجعد، عن جامع بن شداد، عن طارق بن عبد الله المحاربي فذكره مطولا. ورواه النسائي (٤٨٣٩)، وابن ماجه (٢٦٧٠) مختصرًا من هذا الوجه. انظر: الجنايات.
وإسناده حسن من أجل يزيد بن أبي الجعد فإنه حسن الحديث.
وفي الباب عن عروة بن الزبير قال: لما نثر ذلك السفيه على رأس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك التراب، دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيته، والتراب على رأسه، فقامت إليه إحدى بناته فجعلت تغسل عنه التراب وهي تبكي، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لها:"لا تبكي يا بنية! فإن الله مانع أباك" قال: ويقول بين ذلك: "ما نالت مني قريش شيئًا أكرهه حتى مات أبو طالب". رواه ابن إسحاق فقال: حدثني هشام بن عروة، عن أبيه، فذكره. سيرة ابن هشام (١/ ٤١٦) وهو مرسل.
قال ابن إسحاق: وحدثني حكيم بن جبير، عن سعيد بن جبير، قال: قلت لعبد الله بن عباس: أكان المشركون يبلغون من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من العذاب ما يعذرون به في ترك دينهم؟ قال: نعم والله، إن كانوا ليضربون أحدهم ويجيعونه ويعطّشونه حتى ما يقدر أن يستوي جالسًا من شدة الضر الذي نزل به، حتى يعطيهم ما سألوه من الفتنة، حتى يقولوا له: أللات والعزى إلهك من دون الله؟ فيقول: نعم، حتى إن الجعل ليمر بهم، فيقولون له: أهذا الجعل إلهك من دون الله؟ فيقول: نعم، افتداء منهم مما يبلغون من جهده. انظر سيرة ابن هشام (١/ ٣٢٠).
وممن أظهر الظلم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه: عتبة بن ربيعة، وأخوه شيبة بن ربيعة، وعقبة بن أبي معيط، وأبو سفيان بن حرب، وابنه حنظلة، والحكم بن أبي العاص بن أمية، وأخوه معاوية، والأسود بن المطلب، وابنه زمعة، وأبو البحتري بن هشام، والوليد بن مغيرة، والعاص بن وائل، ومنبه بن الحجاج، وأخوه نبيه، وأمية بن خلف، وأخوه أبي، وغيرهم. انظر الدرر في اختصار المغازي والسير (ص ٤٤ - ٤٦) لابن عبد البر.