للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهم ألف، وأصحابه ثلاثمائة وتسعة عشر رجلًا، فاستقبل نبي الله - صلى الله عليه وسلم - القبلة، ثمّ مد يديه فجعل يهتف بربه "اللهم! أنجز لي ما وعدتني، اللهم! آت ما وعدتني، اللهم! إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض" فما زال يهتف بربه، مادًا يديه، مستقبل القبلة، حتَّى سقط رداؤه عن منكبيه، فأتاه أبو بكر، فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه، ثمّ التزمه من ورائه، وقال: يا نبي الله! كفاك مناشدتك ربَّك فإنه سينجز لك ما وعدك، فأنزل الله عَزَّ وَجَلَّ: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ} [سورة الأنفال: ٩] فأمده الله بالملائكة.

قال أبو زميل: فحدثني ابن عباس قال: بينما رجل من المسلمين يومئذ يشتد في أثر رجل من المشركين أمامه، إذ سمع ضربة بالسوط فوقه، وصوت الفارس يقول: أقدم حيزوم، فنظر إلى المشرك أمامه فخرّ مستلقيًا، فنظر إليه فإذا هو قد خطم أنفه، وشق وجهه كضربة السوط.

فاخضرّ ذلك أجمعُ، فجاء الأنصاري، فحدّث بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "صدقت، ذلك من مدد السماء الثالثة" فقتلوا يومئذ سبعين وأسروا سبعين.

قال أبو زميل: قال ابن عباس: فلمّا أسروا الأسارى قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر وعمر: "ما ترون في هؤلاء الأسارى؟ " فقال أبو بكر: يا نبي الله! هم بنو العم والعشيرة. أرى أن تأخذ منهم فدية فتكون لنا قُوة على الكفار. فعسي الله أن يهديهم للإسلام. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما ترى يا ابن الخطّاب؟ " قلت: لا، والله! يا رسول الله! ما أرى الذي رأى أبو بكر. ولكني أرى أن تمكنا فنضرب أعناقهم، فتمكن عليًا من عقيل فيضرب عنقه، وتمكنّي من فلان (نسيبًا لعمر) فأضرب عنقه، فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها، فهوى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال أبو بكر ولم يهو ما قلت.

فلمّا كان من الغد جئت فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر قاعدين يبكيان. قلت: يا رسول الله! أخبرني من أي شيء تبكي أنت وصاحبك؟ فإن وجدت بكاء بكيت وإن لم أجد بكاءا تباكيت لبكائكما، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أبكي للذي عرض علي أصحابك من أخذهم الفداء، لقد عُرض علي عذابهم أدنى من هذه الشجرة" (شجرة قريبة من نبي الله - صلى الله عليه وسلم - وأنزل الله عَزَّ وَجَلَّ: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} إِلَى قَولِهِ: {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِبًا} [الأنفال: ٦٧ - ٦٩] فأحل الله الغنيمة لهم.

صحيح: رواه مسلم في الجهاد والسير (٥٨: ١٧٦٣) من طرق عن عكرمة بن عمار، حَدَّثَنِي أبو

<<  <  ج: ص:  >  >>