"من هذه؟ " فقالوا: ابنة عمرو - أو أخت عمرو - قال: "فلم تبكي؟ " - أو لا تبكي، فما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفع.
متفق عليه: رواه البخاري في الجنائز (١٢٩٣) ومسلم في فضائل الصحابة (١٢٩: ٢٤٧١) كلاهما من طريق سفيان بن عيينة، حدثنا ابن المنكدر، قال: سمعت جابر بن عبد الله قال: فذكره.
واسم أبي جابر: عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري.
• عن جابر قال: لما حضر أحد دعاني أبي من الليل فقال: ما أراني إلا مقتولًا في أول من يقتل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإني لا أترك بعدي أعز علي منك غير نفس رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإن عليّ دينًا فاقض، واستوص بأخواتك خيرًا، فأصبحنا فكان أول قتيل، ودفن معه آخر في قبر، ثم لَم تطِبْ نفسي أن أتركه مع الآخر، فاستخرجته بعد ستة أشهر، فإذا هو كيوم وضعته هنيّة غير أذنه.
صحيح: رواه البخاري في الجنائز (١٣٥١) عن مسدد، أخبرنا بشر بن المفضل، حدثنا حسين المعلم، عن عطاء، عن جابر فذكره.
وهذا الآخر هو عمرو بن الجموح بن زيد بن حرام الأنصاري كما في الحديث الآتي، وكان صديق والد جابر، وزوج أخته هند بنت عمرو.
• عن أبي قتادة أنه حضر ذلك قال: أتى عمرو بن الجموح إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! أرأيت إن قاتلت في سبيل الله حتى أقتل أمشي برجلي هذه صحيحة في الجنة؟ - وكانت رجله عرجاء - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "نعم" فقتلوه يوم أحد هو وابن أخيه ومولى لهم، فمر عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "كأني أنظر إليك تمشي برجلك هذه صحيحة في الجنة".
فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بهما وبمولاهما فجعلوا في قبر واحد.
حسن: رواه أحمد (٢٢٥٥٣) عن أبي عبد الرحمن المقري، حدثنا حيوة، حدثنا أبو صخر حميد بن زياد، أن يحيى بن النضر حدثه عن أبي قتادة فذكره.
وإسناده حسن من أجل حميد بن زياد أبي صخر، فإنه مختلف فيه، فضعّفه النسائي ومشّاه الآخرون، غير أنه وصف بالوهم، ومن أوهامه في هذا الحديث ذكر مولاهما، فإن الصحيح أنهما - أي عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري والد جابر، وعمرو بن الجموح - دفنا في قبر واحد.
والحديث حسّنه الحافظ في الفتح (٣/ ٢١٦)
وقال: قال ابن عبد البر في "التمهيد": ليس هو ابن أخيه، وإنما هو ابن عمه. وهو كما قال، فلعله كان أحسن منه. انتهى.