فقطع أربعين ذراعًا بين كل عشرة. وجاء فيه: فهبط رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع سلمان في الخندق، ورقينا عن الشقة في شقة الخندق.
فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المعول من سلمان فضرب الصخرة ضربة صدعها، وبرقت منها برقة أضاء ما بين لابتيها - يعني لابتي المدينة، حتَّى لكأن مصباحًا في جوف ليل مظلم، فكبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تكبيرة فتح، فكبر المسلمون.
ثمّ ضربها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الثانية، فصدعها وبرق منها برقة أضاء لها ما بين لابتيها حتَّى لكأن مصباحًا في جوف ليل مظلم، فكبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تكبيرة فتح، وكبر المسلمون.
ثمّ ضربها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الثالثة، فكسرها، وبرق منها برقة أضاء ما بين لابتيها، حتَّى لكأن مصباحًا في جوف بيت مظلم، فكبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تكبيرة فتح، فكبر المسلمون.
ثمّ أخذ بيد سلمان فرقيَ فقال سلمان: بأبي أنت وأمي يا رسول الله! لقد رأيت شيئًا ما رأيته قطّ، فالتفت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى القوم، فقال: هل رأيتم ما يقول سلمان؟ قالوا: نعم يا رسول الله! بأبينا أنت وأمنا، قد رأيناك تضرب، فخرج برق كالموج فرأيناك تكبر، ولا نرى شيئًا غير ذلك، فقال: صدقتم، ضربت ضربتي الأولى، فبرق الذي رأيتم أضاءت لي منها قصور الحيرة، ومدائن كسرى، كأنّها أنياب الكلاب، فأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليها.
ثمّ ضربت ضربتي الثانية، فبرق الذي رأيتم أضاءت لي منها قصور الحمر من أرض الروم كأنّها أنياب الكلاب، وأخبرني جبريل - عليه السّلام - أن أمتي ظاهرة عليها.
ثمّ ضربت ضربتي الثالثة فبرق منها الذي رأيتم، أضاءت منها قصور صنعاء كأنّها أنياب الكلاب، فأخبرني جبريل - عليه السّلام - أن أمتي ظاهرة عليها، فأبشروا يبلغهم النصر، وأبشروا يبلغهم النصر، وأبشروا يبلغهم النصر.
فاستبشر المسلمون، وقالوا: الحمد لله موعود صادق بأن الله وعدنا النصر بعد الحصر، فطلعت الأحزاب، فقال المسلمون: {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} [الأحزاب: ٢٢].
وقال المنافقون: ألا تعجبون: يحدثكم ويمنيكم، ويعدكم بالباطل، يخبركم أنه بصر من يثرب قصور الحيرة، ومدائن كسرى، وإنها تفتح لكم، وأنتم تحفرون الخندق، ولا تستطيعون أن تبرزوا! !
وأنزل القرآن: {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا} [الأحزاب: ١٢].
وكثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني ضعيف باتفاق أهل العلم.
وله شاهد آخر عن عبد الله بن عمرو بن العاص نحوه.
قال الهيثميّ في "المجمع" (٦/ ١٣١) أخرجه الطبرانيّ بإسنادين في أحدهما حيي بن عبد الله وثّقه ابن معين وضعّفه جماعة، وبقية رجاله رجال الصَّحيح.