طَلَّقَ امرأتين قَرِيبَةَ بِنْتَ أبي أمية، وَابْنَةَ جَرْوَلٍ الْخُزَاعِيِّ، فَتَزَوَّجَ قَرِيبَةَ مُعَاوِيَةُ، وَتَزَوَّجَ الأُخْرَى أَبُو جَهْمٍ، فَلَمَّا أبى الْكُفَّارُ أن يُقِرُّوا بأداء مَا أَنْفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أزواجهم، أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:{وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ}[الممتحنة: ١١] وَالْعَقِبُ مَا يُؤَدِّي الْمُسْلِمُونَ إلى مَنْ هَاجَرَتِ امرأته مِنَ الْكُفَّارِ، فأمر أن يُعْطَى مَنْ ذَهَبَ لَهُ زَوْجٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَا أنْفَقَ مِنْ صدَاقِ نِسَاءِ الْكُفَّارِ اللَّائِي هَاجَرْنَ، وَمَا نَعْلَمُ أحدًا مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ ارْتَدَّتْ بَعْدَ إيمانها. وَبَلَغَنَا أن أبا بَصِيرِ بْنَ أسيد الثّقَفِيَّ قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مُؤْمِنًا مُهَاجِرًا فِي الْمُدَّةِ، فَكَتَبَ الأخْنَسُ بْنُ شَرِيقٍ إلى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يسأله أبا بَصِيرٍ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
صحيح: رواه البخاري في الشروط (٢٧٣١، ٢٧٣٣، ٢٧٣٢) عن عبد الله بن محمد، حَدَّثَنَا عبد الرزّاق، أخبرنا معمر، قال: أخبرني الزّهريّ، قال: أخبرني عروة بن الزُّبير، عن المسور بن مخرمة، ومروان - يصدق كل واحد منهما حديث صاحبه قالا: فذكرا الحديث.
• عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم قالا: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الحديبية يريد زيارة البيت، لا يريد قتالًا وساق معه الهدي سبعين بدنة، وكان الناس سبعمائة رجل، فكانت كل بدنة عن عشرة، وخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتَّى إذا كان بعسفان لقيه بسر بن سفيان الكعبيّ، فقال: يا رسول الله! هذه قريش قد سمعت بمسيرك فخرجت معها العوذ المطافيل، قد لبسوأ جلود النمور، يعاهدون الله ألا تدخلها عليهم عَنوة أبدًا، وهذا خالد بن الوليد في خيلهم قد قدموه إلى كراع الغميم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا ويح قريش! لقد أكلتهم الحرب، ماذا عليهم لو خلوا بيني وبين سائر الناس؟ فإن أصابوني كان الذي أرادوا، وإن أظهرني الله عليهم دخلوا في الإسلام وهم وافرون، وإن لم يفعلوا قاتلوا وبهم قُوة، فماذا تظن قريش؟ فوالله لا أزال أجاهدهم على الذي بعثني الله به حتَّى يظهرني الله أو تنفرد هذه السالفة". ثمّ أمر الناس فسلكوا ذات اليمين بين ظهري الحمض على طريق تخرجه على ثنية المرار والحديبية من أسفل مكة. قال: فسلك بالجيش تلك الطريق، فلمّا رأت خيلُ قريش قترة الجيش قد خالفوا عن طريقهم، ركضوا راجعين إلى قريش، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتَّى إذا سلك ثنية المرار، بركت ناقته، فقال الناس: خلأت. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما خلأت، وما هو لها بخلق، ولكن حبسها حابس الفيل عن مكة، والله لا تدعوني قريش اليوم إلى خطة يسألوني فيها صلة الرحم، إِلَّا أعطيتهم إياها" ثمّ قال للناس: