الناس شرا إلى ما بهم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا أبا جندل، اصبر واحتسب، فإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجًا ومخرجًا، إنا قد عقدنا بيننا وبين القوم صلحا فأعطيناهم على ذلك وأعطونا عليه عهدًا، وإنا لن نغدر بهم".
قال: فوثب إليه عمر بن الخطّاب فجعل يمشي مع أبي جندل إلى جنبه وهو يقول: اصبر أبا جندل، فإنما هم المشركون، وإنما دم أحدهم دم كلب، قال: ويدني قائم السيف منه، قال: يقول: رجوت أن يأخذ السيف فيضرب به أباه قال: فضن الرّجل بأبيه. قال: ونفذت القضية، فلمّا فرغا من الكتاب، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي في الحرم، وهو مضطرب في الحل، قال: فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال:"يا أيها الناس، انحروا واحلقوا". قال: فما قام أحد. قال: ثمّ عاد بمثلها، فما قام رجل حتَّى عاد - صلى الله عليه وسلم - بمثلها، فما قام رجل. فرجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدخل على أم سلمة فقال:"يا أم سلمة ما شأن الناس؟ " قالت: يا رسول الله! قد دخلهم ما رأيت، فلا تكلمن منهم إنسانًا، واعمد إلى هديك حيث كان فانحره واحلق، فلو قد فعلت ذلك فعل الناس ذلك. فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يكلم أحدًا حتَّى أتى هديه فنحره، ثمّ جلس فحلق، قال: فقام الناس ينحرون ويحلقون. قال: حتَّى إذا كان بين مكة والمدينة في وسط الطريق فنزلت سورة الفتح.
حسن: رواه الإمام أحمد (١٨٩١٠) عن يزيد بن هارون، أخبرنا محمد بن إسحاق بن يسار، عن الزهري محمد بن مسلم بن شهاب، عن عروة بن الزُّبير، عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم قالا: فذكراه.
وإسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق، وقد ذكره ابن هشام في سيرته (٢/ ٣٠٨) بالتحديث كما سبق أن أخرجه البخاريّ من طريق معمر، عن الزهري متابعًا لمحمد بن إسحاق في بعض معانيه. لكن في بعض فقرات حديث ابن إسحاق نظر، منها قوله:"وكان الناس سبع مائة"، كما سبق بيانه قريبًا.
• عن المغيرة بن شعبة أنه كان قائمًا على رأس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالسيف وهو ملثم وعنده عروة قال: فجعل عروة يتناول لحية النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - ويحدثه قال: فقال المغيرة لعروة: لتكفن يدك عن لحيته أو لا ترجع إليك قال: فقال عروة: من هذا؟ قال: هذا ابن أخيك المغيرة بن شعبة، فقال عروة: يا غدر ما غسلت رأسك من غدرتك بعد.
صحيح: رواه أبو بكر بن أبي شيبة كما في المطالب العالية "٢١١٦" وصحّحه ابن حبَّان "٤٥٨٣" من طريق وكيع، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن المغيرة بن شعبة