الشطر - لنوائبه وما ينزل به من أمر المسلمين، فكان ذلك الوطيح والكتيبة والسلالم وتوابعها، فلمّا صارت الأموال بيد النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين لم يكن لهم عمال يكفونهم عملها، فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اليهود فعاملهم.
وهذه الطرق كلها رواها أبو داود، وهي لا تُعِلّ من رفعه، وإنما تفسره، فإذا جمعت هذه الروايات وغيرها يتضح كيف كان تقسيم غنائم خيبر، وإليه يشير الخطّابي بقوله: فيه من الفقه أن الأرض إذا غنمت قسمت كما يقسم المتاع والخرثي، لا فرق بينها وبين غيرها من الأموال. والظاهر من أمر خيبر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتحها عَنوة، وإذا فتحها عَنوة فهي مغنومة، وإذا صارت غنيمة فإنما حصته من الغنيمة خمس الخمس وهو سهمه الذي سماه الله تعالى في قوله تعالى:{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ}[الأنفال: ٤١] فكيف يكون له النصف منها أجمع حتَّى يصرفه في حوائجه ونوائبه على ظاهر ما جاء في الحديث. قلت (القائل الخطّابي): وإنما يشكل هذا على من لا يشبع طرق الأخبار المروية في فتوح خيبر حتَّى يجمعها ويرتبها، فمن فعل ذلك تبين أمر صحة هذه القسمة من حيث لا يشكل معناه. وبيان ذلك: أن خيبر كانت لها قرى وضياع خارجة عنها منها الوطيحة والكتيبة والشق والنطاة والسلاليم وغيرها من الأسماء، فكان بعضها مغنوما وهو ما غلب عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان سبيلها القسم، وكان بعضها فيئًا، لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب فكان خاصًا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - يضعه حيث أراه الله تعالى من حاجته ونوائبه ومصالح المسلمين، فنظروا إلى مبلغ ذلك كله فاستوت القسمة فيها على النصف والنصف، وقد بين ذلك الزهري.
وأمّا حديث الزهري فهو ما رواه أيضًا أبو داود (٣٠١٦) وغيره مرسلًا عن محمد بن إسحاق، عن الزهري وعبد الله بن أبي بكر وبعض ولد محمد بن مسلمة قالوا: بقيت بقية من أهل خيبر تحصنوا، فسألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يحقن دماءهم ويُسَيِّرهُم، ففعل، فسمع بذلك أهل فدك، فنزلوا على مثل ذلك، فكانت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاصة، لأنه لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب.
ورواه أيضًا مالك عن الزهري: أن سعيد بن المسيب أخبره: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - افتتح بعض خيبر عَنوة.
قال أبو داود: قرئ على الحارث بن مسكين - وأنا شاهد - أخبركم ابن وهب، حَدَّثَنِي مالك، عن ابن شهاب: أن خيبر كان بعضها عنوة، وبعضها صلحًا، والكتيبة أكثرها عنوة، وفيها صلح.
قلت لمالك: وما الكتيبة؟ قال: أرض خيبر، وهي أربعون ألف عذق.
ورواه يونس بن يزيد، عن ابن شهاب قال: خمّس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيبر، ثمّ قسم سائرها على من شهدها ومن غاب عنها من أهل الحديبية.
وهذه المراسيل تقويها الأحاديث المرفوعة.
قال الواقدي: وتحولت اليهود إلى قلعة الزُّبير - حصن منيع في رأس قلة - فأقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -