• عن ابن عباس، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "حوضي مسيرة شهر زواياه سواء، أكوازه عدد نجوم السماء، ماؤه أبيض من الثلج، وأحلى من العسل، وأطيب من المسك، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدًا".
حسن: رواه الطبرانيّ في الكبير (١١/ ١٢٥) عن إبراهيم بن هاشم البغويّ، ثنا محمد بن عبد الوهاب الحارثي، ثنا عبد اللَّه بن عبيد بن عمير، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس، فذكره.
قال الهيثميّ في "المجمع"(١٠/ ٣٦٦ - ٣٦٧): "رجاله رجال الصّحيح غير محمد بن عبد الوهاب الحارثي وهو ثقة".
قلت: وهو حسن بما قبله وإلّا فمحمد بن عبد الوهاب لم أقف على ترجمته، وإنما ذكره ابن حبان في الثقات (٩/ ٨٣) فالظاهر أنه انفرد بتوثيقه، وعليه اعتمده الهيثميّ، واللَّه تعالى أعلم.
من الفوائد المهمّة:
قال القرطبيّ رحمه اللَّه تعالى:"قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "حوضي مسيرة شهر، زواياه سواء". أي أركانه معتدلة، يعني: أنّ ما بين الأركان متساوٍ، فهو معتدل التربيع، وقد اختلفت الألفاظُ الدَّالةُ على مقدار الحوض، كما هو مُبيَّن في الروايات المذكورة في الأصل. وقد ظنَّ بعض القاصرين: أنّ ذلك اضطراب، وليس كذلك، وإنّما تحدَّث النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بحديث الحوض مرَّات عديدة، وذكر فيها تلك الألفاظ المختلفة إشعارًا بأن ذلك تقدير، لا تحقيق، وكلّها تفيد أنه كبير متسعٌ، مُتباعد الجوانب والزّوايا، ولعلّ سببَ ذكره للجهات المختلفة في تقدير الحوض: أنّ ذلك إنّما كان بحسب من حضره ممن يعرف تلك الجهات، فيخاطبُ كلَّ قوم بالجهة التي يعرفونها، واللَّه أعلم". "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم"(٦/ ٩١ - ٩٢).
• وعن أسماء بنت أبي بكر قالت: قال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنّي على الحوض حتى أنظر من يرد عليَّ منكم، وسيؤخذ ناس دوني، فأقول: يا ربّ، مني ومن أمّتي! ! فيقال: هل شعرتَ ما عملوا بعدك؟ واللَّهِ ما برحوا يرجعون على أعقابهم".
فكان ابنُ أبي مليكة يقول: اللهم إنا نعوذ بك أن نرجع على أعقابنا، أو نفتن عن ديننا. {أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ}[سورة المؤمنون: ٦٦] ترجعون على العقب.
متفق عليه: رواه البخاريّ في الرّقاق (٦٥٩٣)، ومسلم في الفضائل (٢٢٩٣) كلاهما من حديث نافع بن عمر، قال: حدّثني ابن أبي مليكة، عن أسماء بنت أبي بكر، فذكرته.
ومسلم لم يذكر إسناده، وإنّما أحال على إسناد حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص.
• عن سهل بن سعد، يقول: سمعتُ النّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "أنا فرطكم على