له: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا استيقظ يدعو بالطهور، وإني أخاف إذا فرغ أن يقوم، فلا يفرغنَّ من وضوئه حتَّى تضع العناق بين يديه، فلمّا قام قال:"يا جابر ائتني بطهور" فلم يفرغ من طهوره حتَّى وضعت العناق عنده، فنظر إليَّ فقال:"كأنك قد علمت حُبّنا للحم، ادع لي أبا بكر" قال: ثمّ دعا حوارييه الذين معه فدخلوا، فضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيديه وقال:"بسم الله كلوا"، فأكلوا حتَّى شبعوا، وفضل لحم منها كثير.
قال: والله إن مجلس بني سلمة لينظرون إليه، وهو أحب إليهم من أعينهم، ما يقربه رجل منهم مخافة أن يُؤذوه، فلمّا فرغوا قام، وقام أصحابه فخرجوا بين يديه، وكان يقول:"خلوا ظهري للملائكة"، واتبعتهم حتَّى بلغوا أسكُفّة الباب، قال: وأخرجت امرأتي صدرها، وكانت مستترة بسفيف في البيت، قالت: يا رسول الله صلِّ علي، وعلى زوجي صلّى الله عليك. فقال:"صلى الله عليكِ، وعلى زوجكِ".
ثمّ قال:"ادع لي فلانًا" لغَريمي الذي اشتد عليَّ في الطلب، قال: فجاء فقال: "أَيسِرْ جابر بن عبد الله - يعني إلى الميسرة - طائفة من دينك الذي على أبيه، إلى هذا الصرام المقبل" قال: ما أنا بفاعل، واعتلَّ وقال: إنّما هو مال يتامى، فقال:"أين جابر؟ " فقال: أنا ذا يا رسول الله، قال:"كِلْ له، فإن الله سوف يُوفيه" فنظرت إلى السماء، فإذا الشّمس قد دلكتْ، قال:"الصّلاة يا أبا بكر" فاندفعوا إلى المسجد فقلت: قرب أوعيتك، فكلت له من العجوة فوفاه الله، وفضل لنا من التمر كذا وكذا، فجئتُ أسعى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مسجده، كأني شرارةٌ فوجدت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد صلّى، فقلت: يا رسول الله ألم تر أني كِلتُ لغريمي تمره، فوفاه الله، وفضل لنا من التمر كذا وكذا، فقال:"أين عمر بن الخطّاب؟ " فجاء يُهرول، فقال: سل جابر بن عبد الله عن غريمه، وتمره، فقال: ما أنا بسائله قد علمت أن الله سوف يوفيه، إذ أخبرت أن الله سوف يوفيه، فكرر عليه هذه الكلمة ثلاث مرات، كل ذلك يقول: ما أنا بسائله، وكان لا يراجع بعد المرة الثالثة، فقال: يا جابر! ما فعل غريمك وتمرك؟ قال: قلت: وفاه الله، وفضل لنا من التمر كذا وكذا، فرجع إلى امرأته، فقال: ألم أكن نهيتك أن تكلمي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قالت: أكنت تظن أن الله يورد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيتي، ثمّ يخرج، ولا أسأله الصّلاة علي، وعلى زوجي قبل أن يخرج.
صحيح: رواه أحمد (١٥٢٨١) عن عفّان، حَدَّثَنَا أبو عوانة، حَدَّثَنَا الأسود بن قيس، عن نبيح العنزي، عن جابر بن عبد الله فذكره بطوله.