رأيتني وما أحد أشد بغضا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - مني، ولا أحب إلي أن أكون قد استمكنت منه فقتلته، فلو متّ على تلك الحال لكنت من أهل النّار، فلمّا جعل الله الإسلام في قلبي أتيت النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: ابسط يمينك فلأبايعك، فبسط يمينه، قال: فقبضت يدي، قال:"ما لك يا عمرو؟ ". قال: قلت: أردت أن أشترط، قال:"تشترط بماذا؟ ". قلت: أن يغفر لي، قال:"أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله، وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها، وأن الحجّ يهدم ما كان قبله؟ ". وما كان أحد أحب إلي من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا أجل في عيني منه، وما كنت أطيق أن أملأ عيني منه إجلالا له، ولو سئلت أن أصفه ما أطقت، لأني لم أكن أملأ عيني منه، ولو مت على تلك الحال لرجوت أن أكون من أهل الجنّة، ثمّ ولينا أشياء ما أدري ما حالي فيها، فإذا أنا مت فلا تصحبني نائحة ولا نار، فإذا دفنتموني فشنوا عليّ التراب شنا، ثمّ أقيموا حول قبري قدر ما تنحر جزور ويقسم لحمها حتَّى أستأنس بكم، وأنظر ماذا أراجع به رسل ربي.
صحيح: رواه مسلم في الإيمان (١٢١) من طرق، عن أبي عاصم الضَّحَّاك قال: أخبرنا حيوة بن شريح قال: حَدَّثَنِي يزيد بن أبي حبيب، عن ابن شماسة فذكره.
• عن عمرو بن العاص قال: بعث إلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال:"خذ عليك ثيابك وسلاحك، ثمّ ائتني". فأتيته وهو يتوضأ، فصعد في النظر ثمّ طأطأه فقال:"إنِّي أريد أن أبعثك على جيش فيسلمك الله ويغنمك، وأزعب لك من المال زعبة صالحة". قال: فقلت: يا رسول الله، ما أسلمت من أجل المال، ولكني أسلمت رغبة في الإسلام، وأن أكون مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا عمرو! نعما بالمال الصالح للرجل الصالح".
صحيح: رواه أحمد (١٧٧٦٣)، والطَّبرانيّ في الأوسط (٣٢١٣)، وصحّحه ابن حبَّان (٣٢١٠)، والحاكم (٢/ ٦٣٢) كلّهم من طريق موسى بن علي، عن أبيه قال: سمعت عمرو بن العاص يقول: فذكره.
وإسناده صحيح، وصحّحه الحاكم.
وموسى بن عُليّ - بالتصغير - هو ابن رباح اللخمي من رجال مسلم وثَّقه ابن معين وأحمد والنسائي وابن سعد وجماعة.
قال ابن حبَّان:"سمع هذا الخبر عليّ بن رباح عن عمرو بن العاص، وسمعه من أبي القيس بدل عمرو، عن عمرو، والطريقان جميعًا محفوظان".
وقوله:"أزعب زعبة" بالزاي والعين - بمعنى الدفع، يقال: زعب له من ماله زعبة - أي دفع له