عبد الله بن عتبة قال: من جلس مجلسا ... فذكر نحوه من قوله.
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (٤/ ١٠٥)، والعقيلي في ضعفائه (٢/ ١٥٦).
وعون بن عبد الله بن عتبة تابعي ثقة. ورواية وهيب هي الصواب كما قال أئمة النقد منهم: أحمد والبخاري وأبو زرعة وأبو حاتم والدارقطني. علل ابن أبي حاتم (٢٠٧٨)، وعلل الدارقطني (١٥١٣).
وقد قرر ابن حجر في النكت (٢/ ٧١٥ - ٧٢٦) إعلال النقاد في بحث طويل ثم قال في آخره: "وبهذا التقرير يتبين عظم موقع كلام الأئمة المتقدمين، وشدة فحصهم، وقوة بحثهم، وصحة نظرهم، وتقدمهم بما يوجب المصير إلى تقليدهم في ذلك، والتسليم لهم فيه، وكل من حكم بصحة الحديث مع ذلك إنما مشى فيه على ظاهر الإسناد كالترمذي كما تقدم، وكأبي حاتم بن حبان فإنه أخرجه في صحيحه وهو المعروف بالتساهل في باب النقد، ولا سيما كون الحديث المذكور في فضائل الأعمال".
وللحديث عن أبي هريرة طريق أخرى، رواه أبو داود (٤٨٥٨)، وابن حبان (٥٩٣) كلاهما من طريق عمرو بن الحارث، عن عبد الرحمن بن أبي عمرو، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة مرفوعا.
وعبد الرحمن بن أبي عمرو هو المدني، لم يوثقه أحد وقد خولف في إسناده فرواه أبو داود (٤٨٥٧)، وابن حبان (٥٩٣) كلاهما من طريق عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هلال، عن سعيد المقبري، عن عبد الله بن عمرو، أنه قال: كلمات لا يتكلم بهن أحد في مجلسه عند قيامه ثلاث مرات إلا كفر بهن عنه، ولا يقولهن في مجلس خير ومجلس ذكر إلا ختم له بهن عليه، كما يُختم بالخاتم على الصحيفة: سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
قال ابن أبي حاتم في العلل (٢٠٧٨) بعد ما ساق الطريقين المذكورين: "وهذا الحديث عن عبد الله بن عمرو موقوف أصح".
والحاصل أن الحديث لا يصح عن أبي هريرة وبنحوه قال أبو حاتم الرازي. والله أعلم.
وفي الباب عن أنس وجبير بن مطعم وغيرهما وكلها معلولة.
وأما قول البخاري: "ولا أعلم في الدنيا في هذا الباب غير هذا الحديث" فهو ليس بصحيح، ففي الباب أحاديث أخرى صحيحة وغير صحيحة كما رأيت، فالظاهر أن هذا النقل من البخاري فيه خطأ، أخطأ من نسب هذا القول إلى إمام المحدثين، وأمير المؤمنين في الحديث الإمام البخاري رحمه الله تعالى، فإنه أجلّ من أن يقول مثل هذا، وفي الباب أحاديث صحيحة.
والصحيح من قول البخاري: "هذا حديث مليح، ولا أعلم بهذا الإسناد في الدنيا غير هذا الحديث إلا أنه معلول".
هكذا نقل البيهقي في "المدخل" عن الحاكم كما ذكره الحافظ في النكت على مقدمة ابن