قلت: وهو كما قال فإن أبا الربيع حسن الحديث قال فيه أبو حاتم: "صالح الحديث"، والمسعوديّ وإنْ كان مختلطًا إِلَّا أنه تابعه شعبة، وقد رواه أحمد (٩٨٧٢) من طريق شعبة وحجاج، كلاهما عن علقمة بن مرثَد به نحوه.
والكلام عليه مبسوط في كتاب الجنائز.
• عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف حدَّثه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"لا عدوى"، ويحدث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"لا يورد ممرض على مُصِحٍّ".
قال أبو سلمة: كان أبو هريرة يحدثهما كلتيهما عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثمّ صمت أبو هريرة بعد ذلك عن قوله: لا عدوى، وأقام على أن لا يورد ممرض على مصح. قال: فقال الحارث بن أبي ذباب (وهو ابن عم أبي هريرة) قد كنت أسمعك يا أبا هريرة تحدثنا مع هذا الحديث حديثًا آخر قد سكتَّ عنه، كنت تقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا عدوى" فأبى أبو هريرة أن يعرف ذلك، وقال:"لا يورد ممرض على مصح" فما رآه الحارث في ذلك حتّى غضب أبو هريرة، فرطن بالحبشية، فقال للحارث: أتدري ماذا قلت؟ قال: لا قال أبو هريرة: قلت: أبيت. قال أبو سلمة: ولعمري لقد كان أبو هريرة يحدثنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"لا عدوى" فلا أدري أنسي أبو هريرة أو نسخ أحد القولين الآخر؟
وفي رواية: قال أبو سلمة: فما رأيته نسي حديثًا غيره.
متفق عليه: رواه مسلم في السّلام (٢٢٢١) من طريق ابن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب، أن أبا سلمة بن عبد الرحمن بن عوف فذكره.
ورواه البخاريّ في الطب (٥٧٧١، ٥٧٧٣، ٥٧٧٤) من وجوه أخرى عن الزهري به نحوه مختصرًا، والرّواية الأخرى له.
والجمع بين الحديثين أن ما ثبت عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"لا عدوى" فهو محمول على ما كان يعتقده أهل الجاهليّة بأن المرض يُعدي بنفسه بدون مشيئة الله.
وقوله:"لا يورد ممرض على مصح" محمول على أن لا يعتقد الانسان بأن ما أصابه كان سببه اختلاطه بالمريض، ولذا أُمرنا أن نفرَّ من المجذوم فرارَ الأسد.
ثمّ إن قوله:"لا عدوى" له شواهد كثيرة صحيحة فلعل أبا هريرة تراجع عن رواية "لا عدوى" ظنا منه أنه مضاد لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يورد ممرض على مصح".
• عن أنس بن مالك، عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قال:"لا عدوى ولا طيرة ويعجبني الفأل" قال: قيل: وما الفأل؟ قال:"الكلمة الطيبة".