بالصحف ننسخها في المصاحف، ثم نردها إليك، فأرسلت بها حفصة إلى عثمان، فأمر زيد بن ثابت، وعبد اللَّه بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، فنسخوها في المصاحف، وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن، فاكتبوه بلسان قريش، فإنما نزل بلسانهم، ففعلوا، حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف رد عثمان الصحف إلى حفصة، وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة، أو مصحف أن يحرق.
قال ابن شهاب: وأخبرني خارجة بن زيد بن ثابت، سمع زيد بن ثابت، قال: فقدت آية من الأحزاب حين نسخنا المصحف، قد كنت أسمع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقرأ بها، فالتمسناها فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري:{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ}[الأحزاب: ٢٣] فألحقناها في سورتها في المصحف.
صحيح: رواه البخاريّ في فضائل القرآن (٤٩٨٧ - ٤٩٨٨) عن موسى، حدّثنا إبراهيم (هو ابن سعد الزهري)، حدّثنا ابن شهاب، أن أنس بن مالك حدثه، فذكره.
قوله: قال ابن شهاب: وأخبرني خارجة بن زيد بن ثابت. . . الخ، هو عطف على الإسناد الأول فكأن إبراهيم بن سعد جمع بين الحديثين في سياق واحد، في أحدهما حديث أنس بن مالك في جمع القرآن في عهد عثمان -رضي اللَّه عنه-، وفي الثاني: فقدُ زيد بن ثابت آية من سورة الأحزاب في عهد أبي بكر -رضي اللَّه عنه-.
فيرى الخطيب أن ذلك وهمٌ منه، وأنه أدرج بعض الأسانيد على بعض. ذكره الحافظ في الفتح (٩/ ١٢).
ولكن لو حمل على أن إبراهيم روى حديث أنس مع عثمان كما روى فقد زيد بن ثابت آية من سورة الأحزاب، عن ابن شهاب، عن خارجة بن زيد بن ثابت، عن أبيه، لاستقام الإسناد. وهذا الذي أراده البخاريّ عندما جمع القصتين في سياق واحد.
وزيد بن ثابت ذكر حديثين في أحدهما: آيتان من سورة التوبة: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}[التوبة: ١٢٨]
وفي الثاني:{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ}[الأحزاب: ٢٣]
ثم زيد بن ثابت لم يعتمد على حفظه فقط، بل توقف حتى شهد له غيره، وأما شهادة خزيمة بن ثابت فكانت من أجل المكتوب، وان كان المحفوظ عنده وعند غيره مثله.
• عن أنس أن عثمان دعا زيد بن ثابت، وعبد اللَّه بن الزبير، وسعيد بن العاص،