للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، فنسخوها في المصاحف، وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش، فإنما نزل بلسانهم، ففعلوا ذلك.

صحيح: رواه البخاريّ في المناقب (٣٥٠٦) عن عبد العزيز بن عبد اللَّه، حدّثنا إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب، عن أنس، فذكره.

ورواه البخاريّ في فضائل القرآن (٤٩٨٤) من طريق آخر عن أنس، وفيه: "قال لهم عثمان: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في عربية من عربية القرآن فاكتبوها بلسان قريش".

وكان سعيد بن العاص بن أمية الأموي أعرب الناس وأشبههم بلهجة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأمر عثمان زيد بن ثابت أن يستعين به في الإملاء، ولم يختلف زيد وسعيد في شيء إلا في حرف واحد في سورة البقرة فقال أحدهما: "التابوت" وقال الآخر: "التابوة"، فاختير قراءة زيد لأنه كان كاتب الوحي.

خلاصة القول: إن تدوين القرآن مرَّ بثلاث مراحل:

الأوّلى: لقد تمت كتابة القرآن الكريم في حياة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في أجزاء متفرقة وفق القراءة العامة التي كان يعلّمها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أصحابه دون الأحرف الأخرى التي رخّص اللَّه فيها قراءة القرآن تيسيرا على الناس؛ فإن من البدهي أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يملي على كُتّاب الوحي ما نزل عليه من القرآن على حرف واحد معروف لدى أصحابه الذين كانوا قريبين منه، بخلاف التعليم، فإنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يُعلّم من جاء إلى المدينة من قبائل مختلفة بحرف معروف عندهم من الأحرف السبعة (اللهجات السبع) المعروفة بجزيرة العرب، وقد يحضر هذا المجلس من هو من أهل المدينة، فيكون عنده أيضًا حرف آخر، ومن ثم كتب بعض الصحابة ما كان عنده من القرآن على أحرف أخرى، ولم يفارق النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- دنياه إلا بعد ما اطمأنّ على أن ما في صدور الناس هو مثل ما في صدره وما في الألواح المكتوبة.

• عن زيد بن ثابت قال: كنا عند رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نؤلّف القرآن من الرقاع.

صحيح: رواه الترمذيّ (٣٩٥٤) -واللفظ له-، وأحمد (٢١٦٠٦، ٢١٦٠٧)، وصحّحه ابن حبان (٧٣٠٤)، والحاكم (٢/ ٢٢٩)، والبيهقي في الدلائل (٧/ ١٤٧) كلهم من طرق عن يزيد بن أبي حبيب، عن عبد الرحمن بن شماسة، عن زيد بن ثابت فذكره. وإسناده صحيح.

قال البيهقي: "وهذا يُشبه أن يكون أراد به تأليف ما نزل من الكتاب: الآيات المتفرقة في سورها، وجمعِها فيها بإشارة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ثم كانت مثبتة في الصدور".

الثانية: ثم جاء أبو بكر -رضي اللَّه عنه-، فأمر زيد بن ثابت -رضي اللَّه عنه- أن يجمع القرآن في مصحفٍ واحدٍ على حرفٍ واحدٍ، حرف قريش، اعتمادًا على ما كُتب في عهد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في الرقاع والأكتاف والعسب، -وكان في بيته -صلى اللَّه عليه وسلم- محفوظا-، وما وجده في صدور الناس وهو موافق لما في هذه الرقاع فجمعها

<<  <  ج: ص:  >  >>