للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ليجعلها في مصحف واحد بعد وقعة اليمامة للسبب الذي ذُكِرَ.

وقد رُويَ عن علي بن أبي طالب قال: رحم اللَّه أبا بكر هو أول من جمع بين اللوحين. رواه ابن أبي داود في كتاب المصاحف (ص ١٦٥) عن يعقوب بن سفيان، قال: حدّثنا أبو نعيم، حدّثنا سفيان، عن السدي، عن عبد خير، عن علي بن أبي طالب قال: فذكره. ورجاله ثقات.

وقد استغرق إنجاز هذا العمل ما يقرب من سنة، إذْ بين غزوة اليمامة -التي كانت في السنة الحادية عشرة، وأوائل السنة الثانية عشرة- وبين وفاة الصديق -التي كانت سنة ثلاث عشرة- سنة واحدة تقريبا، ثم انتقلت هذه النسخة إلى الخليفة الذي بعده، وهو أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه-، ثم بقيت هذه النسخة عند أم المؤمنين حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنها.

ومن المؤكد أن هذه النسخة كانت مرتبة الآيات والسور، كما كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقرأها في الصلوات، فقد تبين من الأحاديث الواردة في قراءة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في الصلوات -وهي مذكورة في مواضعها من كتاب الجامع الكامل- أن قراءته كانت مثل ما هو في المصحف الموجود بأيدينا اليوم، وإن اختلف الترتيب أحيانًا فنص الصحابة على ذلك. ولذا أجاز جمهور العلماء قراءة القرآن سواء في الصلاة، أو في خارجها خلاف ترتيب السور من تقديم أو تأخير إلا أنهم قالوا: إنه خلاف الأولى، وكذلك عرضها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مرتبا على جبريل -عليه السلام- في العام الذي توفي فيه مرتين كما جاء في حديث فاطمة المتفق عليه أن النبي أسرَّ إليها فقال: "إن جبريل كان يعارضني القرآن كل سنة مرة، وإنه عارضني العام مرتين، ولا أراه إلا حضَرَ أجلي. . . " وأخذ عنه الصحابة الكرام على هذا الترتيب.

وأما قول من قال: إن ترتيب السور في المصحف اجتهاد من الصحابة فمَحَلُّ نظر؛ فإن السؤال يطرح نفسه: كيف كانت عرضة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الأخيرة مرتين على جبريل عليه السلام؟ ألم تكن مرتبة الآيات والسور؟ ثم كيف كان جمع أبي بكر؟ أما كان مرتب الآيات والسور؟ فالأمر بدهي أن يكون المصحف مرتبا، وعنه أخذ عثمان بن عفان رضي اللَّه عنه كما كان، وهو الموجود بين أيدينا الآن.

وقد ثبت عن سمرة أنه قال: عرض القرآن على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عرضات، فيقولون: قراءتنا هذه هي العرضة الأخيرة. رواه البزّار والحاكم بإسناد صحيح كما مضى.

وقوله: "يقولون": يعني الصحابة.

وقال عَبيدة السلماني: القراءة التي عرضت على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في العام الذي قُبضَ فيه هي القراءة التي يقرؤها الناس اليوم".

رواه ابن أبي شيبة (٣٠٩٢٢) من طريق ابن سيرين عنه.

وقال ابن سيرين: كان جبريل يعارض النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في كل شهر رمضان، فلما كان العام الذي قُبضَ فيه عارضه مرتين، قال: فيُرجى أن تكون قراءتُنا هذه على العرضة الأخيرة. (سنن سعيد بن

<<  <  ج: ص:  >  >>