أحياء إلى الشّام، فأمّا الحشر الذي يكون بعد البعث من القبور، فإنّه على خلاف هذه الصُّورة من ركوب الإبل والمعاقبة عليها، إنّما هو ما ورد في الخبر أنهم يبعثون يوم القيامة حفاة عُراة بهما غرلًا، وقد قيل: إنّ هذا البعث دون الحشر، فليس بين الحديثين تدافع ولا تضاد". أعلام الحديث (٣/ ٢٢٦٩).
وذكره البغويُّ في "شرح السنة" (١٥/ ١٢٥) دون أن يعزوه إليه.
• عن عبد اللَّه بن أُنيس، قال: سمعتُ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "يُحشر النَّاسُ يوم القيامة -أو قال: العباد- عُراةً غرلًا بُهْمًا". قال: قلنا: وما بُهْمًا؟ قال: "ليس معهم شيء، ثم يناديهم بصوت يسمعه مَنْ بَعُد كما يسمعه مَنْ قَرُب، أنا الملك، أنا الدَّيَّان، ولا ينبغي لأحد من أهل النّار أن يدخل النّار، وله عند أحد من أهل الجنّة حقٌّ حتّى أُقِصَّهُ منه، ولا ينبغي لأحد من أهل الجنّة أن يدخل الجنّة ولأحد من أهل النّار عنده حقٌّ حتى أُقِصَّه منه حتّى اللَّطْمةَ". قال: قلنا: كيف وإنَّا إنّما نأتي اللَّه عَزَّ وَجَلَّ عُراةً غرلًا بُهْمًا؟ قال: "بالحسنات والسَّيِّئات".
حسن: رواه الإمام أحمد (١٦٤٠٢) واللّفظ له، والحارث بن أبي أسامة (٤٥) زوائده، والبخاريّ في الأدب المفرد (٩٧٠)، وخلق أفعال العباد (ص ٩٢)، وابن أبي عاصم في السنة (٥١٤)، والحاكم (٢/ ٤٣٧) -وصحّحه- كلّهم من طرق عن همّام بن يحيى، عن القاسم بن عبد الواحد المكيّ، عن عبد اللَّه بن محمد بن عقيل، أنه سمع جابر بن عبد اللَّه يقول: بلغني حديثٌ عن رجل سمعه من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فاشتريتُ بعيرًا، ثم شددتُ عليه رحليّ، فسرتُ إليه شهرًا حتى قدمتُ عليه الشام، فإذا عبد اللَّه بن أنيس، فقال للبوَّاب: قل له جابر على الباب. قال: ابن عبد اللَّه؟ قلت: نعم. فخرج يطأ ثوبه، فاعتنقني واعتنقته. فقلتُ: حديثًا بلغني عنك أنَّك سمعتَه من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في القصاص، فخشيتُ أن تموتَ أو أموتَ قبل أن أسمعه. قال: سمعتُ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول (فذكر الحديث).
وإسناده حسن من أجل القاسم بن عبد الواحد المكيّ، وشيخه عبد اللَّه بن محمد بن عقيل، فإنّهما لم يبلغا درجة "الثقات" وحسَّنه أيضًا المنذريّ في "الترغيب والترهيب" (٤/ ٢٠٢) وإن كان الهيثميّ رحمه اللَّه ضعّفه في "المجمع" (١/ ١٣٣) من أجل عبد اللَّه بن محمد بن عقيل، ولكن الصواب أنه حسن الحديث إِلَّا إذا خالف فلا يقبل كما قال الذّهبيّ في ترجمته في "الميزان"، وقد وافق على تصحيح الحاكم له في تلخيص المستدرك.
وعلقه البخاريّ بصيغة الجزم (١/ ١٧٣) وقال: "رحل جابر بن عبد اللَّه مسيرة شهر إلى عبد اللَّه ابن أنيس في حديث واحد".
قال الحافظ في "الفتح" (١/ ١٧٤)، "وله طريق أخرى أخرجها الطّبرانيّ في مسند الشّاميين،