عامر بن يحيى المعافري بإسناده بلفظ: أنزلت هذه الآية في أناس من الأنصار أتوا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فسألوه فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ائتها على كل حال، إذا كان في الفرج".
وفي إسناده رشدين بن سعد وهو ضعيف.
فهل يقال: إن في نزول هذه الآية عدة أسباب؟ أو أنها نزلت لسبب واحد، وبقية الأسباب ذكرها ابن عباس استنباطا واجتهادًا منه، وهذا أقرب إلى الصواب.
وعن سعيد بن جبير أنه قال: بينا أنا ومجاهد جالسان عند ابن عباس، أتاه رجل فوقف على رأسه فقال: يا أبا العباس -أو يا أبا الفضل- ألا تشفيني عن آية المحيض؟ فقال: بلى، فقرأ: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ} حتى بلغ إلى آخر الآية، فقال ابن عباس: من حيث جاء الدم، من ثم أمرت أن تأتي. فقال له الرجل: يا أبا الفضل، كيف بالآية التي تتبعها {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}، فقال: إي ويحك! وفي الدبر من حرث؟ لو كان ما تقول حقا لكان المحيض منسوخا، إذا اشتغل من هاهنا جئت من هاهنا، ولكن {أَنَّى شِئْتُمْ} من الليل والنهار.
رواه ابن جرير في تفسيره (٣/ ٧٥٠) وابن أبي حاتم في التفسير (٢/ ٤٠٢) بإسنادهما، واللفظ لابن جرير، وفيه عمار الدهني حسن الحديث.
ففي هذه الأحاديث: المنع من إتيان النساء فيما سوى فروجهن، وهو أمر جاء النقل فيه عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من أوجه كثيرة.
• عن بهز بن حكيم بن معاوية بن حيدة القشيري، عن أبيه، عن جده قال: قلت: يا رسول اللَّه، نساؤنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال: "ائت حرثك أنى شئت".
حسن: رواه أبو داود (٢١٤٣) وأحمد (٢٠٠٣٠) كلاهما من طريق بهز بن حكيم بإسناده أطول منه.
وإسناده حسن من أجل بهز بن حكيم فإنه حسن الحديث.
وقوله: "أنى شئت": أي من أي وجه كان، على أن يكون ذلك في الفرج.
انظر بقية الأحاديث في هذا المعنى في كتاب النكاح.
وقيل معناه: أين شئتم، وحيث شئتم، أي في القبل والدبر. روي ذلك عن ابن عمر كما في الحديث الآتي:
• عن نافع قال: كان ابن عمر إذا قرأ القرآن لم يتكلم قال: فقرأت ذات يوم هذه الآية: فقال: أتدري فيمن نزلتْ هذه الآية؟ قلت: لا، قال: نزلت في إتيان النساء في أدبارهن.
صحيح: رواه ابن جرير (٣/ ٧٥١) عن يعقوب، قال: ثنا ابن علية، قال: أخبرنا ابن عون، عن نافع فذكره.