ورواه البخاريّ في التفسير (٤٥٢٦) عن إسحاق، أخبرنا النضر بن شميل، أخبرنا ابن عون، عن نافع، قال: كان ابن عمر إذا قرأ القرآن لم يتكلم حتى يفرغ منه، فأخذت عليه يومًا فقرأ سورة البقرة حتى انتهى إلى مكان قال: تدري فيم أنزلت؟ قلت: لا، قال: أنزلت في كذا وكذا ثم مضى، انتهى.
ورواه أيضًا من طريق أيوب، عن نافع، عن ابن عمر {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} قال: يأتيها في" انتهى.
ورواه أيضًا من طريق عبيد اللَّه، عن نافع، عن ابن عمر" انتهى.
هكذا ساق البخاري حديث ابن عمر من ثلاثة طرق وأبهم معنى الآية، إما أنه أراد التأكد من قول ابن عمر فتركُ الفراغ لأجله، ولما لم يتأكد ذلك ترك الفراغ باقيا، أو نسيه. وإلا فالرواية الصحيحة من طريق ابن عون كما ذكره ابن جرير صريح في إتيان النساء في أدبارهن. فترك الفراغ من البخاري يؤكد أنه لا يرى إباحة ذلك، كما لا يرى نسبته إلى ابن عمر لورود أحاديث النهي عن ذلك، ولذا ذكر الحميدي في الجمع بين الصحيحين (١٤٤٠): يأتيها فيه: يعني الفرج، فزاد من فهمه بأن هذا من مذهب البخاري، وبهذا صار قول البخاري مثل قول جمهور أهل العلم: أبو حنيفة والشافعي في الجديد وأحمد وغيرهم إلا مالكا فقد قال معن: وسمعت مالكا يقول: ما علمت حرامًا، ذكره النسائي في الكبرى (٨/ ١٩١).
وأما ابن عمر فقد روي عنه خلاف هذا.
• عن أبي النضر أنه قال لنافع: إنه قد أكثر عليك القول: إنك تقول عن ابن عمر: إنه أفتى أن تُؤتى النساء في أدبارهن، قال: نافع، كذبوا علي، ولكني سأخبرك كيف كان الأمر: إن ابن عمر عرض المصحف يومًا، وأنا عنده حتى بلغ قوله عز وجل:{نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} قال: يا نافع، هل تعلم من أمر هذه الآية؟ قال: قلت: لا، قال: إنا كنا معشر قريش نجبّي النساء، فلما دخلنا المدينة، ونكحنا نساء الأنصار، أردنا منهن مثل الذي نريد، فإذا هن قد كرهن وأعظمن ذلك، وكانت نساء الأنصار قد أخذن بحال اليهود، إنما يؤتين على جنوبهن، فأنزل اللَّه تعالى:{نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}.
حسن: رواه الطحاوي في مشكله (١٥/ ٤٢٤) من حديث المفضل بن فضالة، عن عبد اللَّه، عن كعب بن علقمة، عن أبي النضر أنه قال: فذكره.
ورواه النسائي في الكبرى (٨٩٢٩) من حديث المفضل إلا أنه قال: حدثني عبد اللَّه بن سليمان، عن كعب بإسناده نحوه.