فاعتزل النبي - صلى الله عليه وسلم - نساءَه من أجل ذلك الحديث حين أفشته حفصةُ إلى عائشة تسعا وعشرين ليلة، وكان قال:"ما أنا بداخل عليهن شهرًا" من شدة موجدتِه عليهن حين عاتبه الله عز وجل، فلما مضت تسعٌ وعشرون ليلة دخل على عائشة فبدأ بها، فقالت له عائشة: يا رسول الله! إنك كنتَ قد أقسمتَ أن لا تدخل علينا شهرًا، وإنما أصبحت من تسع وعشرين ليلة أعدها عدًا، فقال:"الشهر تسع وعشرون ليلة"، فكان ذلك الشهر تسعا وعشرين ليلة، قالت عائشة: ثم أنزل الله تعالى آية التخيير، فبدأ بي أول امرأة من نسائه، فاخترتُه، ثم خيّر نساءه كلهن فقلن مثل ما قالت عائشة.
متفق عليه: رواه البخاري في النكاح (٥١٩١) من طريق شعيب، عن الزهري قال: أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور، عن ابن عباس، فذكره.
ورواه مسلم (١٤٧٩: ٣٤) من طريق معمر، عن الزهري به مثله إلى قوله:"حين عاتبه الله عز وجل" وفي مسلم "حتى عاتبه الله عز وجل" ثم قال مسلم (٣٥: ١٤٧٥) قال الزهري: فأخبرني عروة، عن عائشة قالت:"لما مضى تسع وعشرون ليلة ... " وذكرت بقية الحديث.
• عن جابر بن عبد الله قال: دخل أبو بكر يستأذن على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فوجد الناس جلوسًا ببابه، لم يؤذن لأحد منهم، قال: فأذن لأبي بكر. فدخل، ثم أقبل عمر فاستأذن فأذن له، فوجد النبي - صلى الله عليه وسلم - جالسًا حوله نساؤه واجمًا ساكتًا. قال: لأقولن شيئًا أُضحك النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله! لو رأيت بنت خارجة! سألتني النفقة، فقمت إليها فوجأت عنقها. فضحِكَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال:"هن حولي كما ترى. يسألنني النفقة" فقام أبو بكر إلى عائشة يجأُ عنقَها، فقام عمر إلى حفصة يجأُ عنقَها. كلاهما يقول: تسألن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما ليس عنده. فقلن: والله! لا نسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئًا أبدًا ليس عنده. ثم اعتزلهن شهرًا أو تسعًا وعشرين. ثم نزلت عليه هذه الآية:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ} حتى بلغ {مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا}[الأحزاب: ٢٨ - ٢٩] قال: فبدأ بعائشة. فقال:"يا عائشة! إني أريد أن أعرض عليك أمرًا أحب أن لا تعجلي فيه حتى تستشيري أبويك" قالت: وما هو؟ يا رسول الله! فتلا عليها الآية. قالت: أفيك، يا رسول الله، أستشير أبوي؟ بل أختار الله ورسوله والدار الآخرة. وأسألك أن لا تخبر امرأة من نسائك بالذي قلت. قال:"لا تسألني امرأة منهن إلا أخبرتها. إن الله لم يبعثني معنِّتًا ولا متعنِّتًا ولكن بعثني معلمًا ميسرًا".
صحيح: رواه مسلم في الطلاق (١٤٧٨) عن زهير بن حرب، حدثنا روح بن عبادة، حدثنا