عنه الليث بن سعد أو روى عنه غيره، لأن الليث بن سعد قال: جئت أبا الزبير فدفع إلى كتابين، فانقلبت بهما، ثم قلت في نفسي: لو أنني عاودته فسألته أسمع هذا كله من جابر؟ فسألته فقال: منه ما سمعت منه، ومنه ما حُدّثتُ عنه، فقلت له: أعلم لي على ما سمعت منه، فأعلم لي على هذا الذي عندي" (١).
وقد تتبع الذهبي رواية أبي الزبير في صحيح مسلم فقال: "وفي صحيح مسلم عدة أحاديث مما لم يوضح فيها أبو الزبير السماع من جابر، وهي من غير طريق الليث عنه، ففي القلب منه شيء".
ومن هذه الأحاديث:
لا يحل لأحد حمل السلاح بمكة. صحيح مسلم (١٣٥٦)
رأى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- امرأة، فأتي أهله زينب، فقضى حاجته، صحيح مسلم (١٤٠٣)
نهى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن تجصيص القبور. صحيح مسلم (٩٧٠) انتهى كلام الذهبي.
قلت: وقد وجدت في صحيح مسلم أحاديث أبي الزبير، عن جابر من غير طريق الليث بن سعد عنه أكثر من هذا بدون التصريح، فالظاهر أن الإمام مسلم لم يُعِلّ الحديثَ بعنعنة أبي الزبير سواء روى عنه الليث بن سعد أو غيره.
فالمنهج الذي اخترتُه في حديث المدلسين هو ما يأتي:
١ - المدلّسون الذين ذكرهم الحافظ ابن حجر في الطبقة الأولي والثانية مثل يحيى بن سعيد الأنصاري، وسفيان بن سعيد بن مسروق الثوري وسفيان بن عيينة بن أبي عمران الهلالي وغيرهم يُقبل تدليسُهم مطلقا، لأنهم لا يدلّسون إلا عن الثقات، ويُلحق بهم الأعمش، والزهري، وقتادة، وعمرو بن دينار وغيرهم، وإن كان بعض هؤلاء ممن ذكرهم ابن حجر في الطبقة الثالثة. فإنَّ ردَّ رواية هؤلاء بالعنعنة يودّي إلى تضعيف طائفة كبيرة من الأحاديث الصحيحة.
فإن قيل: لماذا كان هؤلاء يدلّسون؟ وهم أئمة هذا الفن وعمدتهم! ؟
فالجواب: لهم ظروف وحالات، فإذا كانوا في مجلس التحديث والرواية فما كانوا يدلسون، إذ المطلوب في مجلس التحديث اتصال الإسناد، وحديث المدلّس