فيه انقطاع، وأما إن كانوا في المسجد أو في السوق أو في مقام الفتيا فكانوا يختصرون الإسناد إذ ليس المقصود منه في هذه الحالة اتصال الإسناد، فإذا سئلوا هل سمعت من فلان؟ فقالوا: لا، إنما سمعت من فلان عنه.
٢ - أن ينص أحد الأئمة على أن فلانا دلّس في هذا الحديث.
٣ - أن يعترف المدلس نفسه بأنه دلّس في هذا الحديث إذا سئل.
٤ - أن يروي المدلس حديثا يخالف المعروف، فالحمل عليه بأنه دلس عن بعض الضعفاء.
٥ - أن يُعرف بأنه لا يبالي عمن يدلس حبًّا لكثرة الحديث مثل محمد بن إسحاق والحسن البصري وغيرهما، فهؤلاء لا بد لهم من التصريح بالسماع.
٦ - أن يُعرف أنه يكثر التدليس عن الضعفاء والمجاهيل، فهذا لا يقبل حتى يصرّح مثل بقية بن الوليد.
٧ - أن يكون المدلس قد ضُعِّفَ أيضًا بسبب آخر فلا يُقبل ولو صرّح بالسماع، وهم الذين ذكرهم الحافظ ابن حجر في الطبقة الخامسة.
والذي يكثر النظرَ في الكتب يجد أن الرواةَ غيّروا صيغة الأداء في كثير من روايات المدلسين، فإننا نجد راويًا واحدًا مرة يروي بصيغة السماع، وأخرى بصيغة العنعنة، وقد نبّهتُ على ذلك في كثير من المواضع في الجامع الكامل
والمثال الغريب الذي وقفتُ عليه هو ما ذكره مسلم في كتابه "التمييز" بأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وقّتَ لأهل العراق ذات عرق، فليس بصحيح، لأنه رواه ابن جريج فقال في حديث أبي الزبير، عن جابر. هكذا قال في التمييز.
ثم وجدناه أنه روى هذا الحديث في صحيحه (١١٨٣) من طرق عن محمد بن بكر، أخبرنا ابن جريج، أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابر بن عبد اللَّه. . . فذكر الحديث.
فهذا الإسناد فيه دليل صريح أنه وقع تغيير في صيغة الأداء لأنه من المستبعد أن يكون أبو الزبير مرة قال: عن جابر، وأخرى: أنه سمع جابرا.
ولذا يجب الاحتياط في ردّ حديث الأئمة المدلسين الثقات بالعنعنة، وفي كلام مسلم إشارة إلى أنه أول من أظهر تدليس أبي الزبير، ومع ذلك فإنه أخرج أحاديثه