هُجْرًا، فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت: إن العهد كان قريبًا، وإني حلفت باللات والعزى، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قل: لا إله إلا الله وحده، ثلاثا، ثم انفُث عن يسارك ثلاثا، وتعوّذ ولا تعُدْ".
صحيح: رواه النسائي (٣٧٧٦) وابن ماجه (٢٠٩٧) وأحمد (١٥٨٩) وصحّحه ابن حبان (٤٣٦٤) كلهم من طرق عن أبي إسحاق السبيعي، عن مصعب بن سعد، عن أبيه سعد بن أبي وقاص، فذكره.
وإسناده صحيح، وأبو إسحاق السبيعي هو عمرو بن عبد الله اختلط قبل موته، ولكن في بعض طرقه رواه عنه إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، وروايته عنه في غاية من الصحة.
ومعنى الحديث أن من حلف باللات والعزّى فكأنه جعل لله ندًّا، فليستدرك بقوله: لا إله إلا الله وحده، ثلاثًا، ويتعوّذ بالله من الشيطان الرجيم. فإنه بهذا سيعود إلى التوحيد ويذهب عنه وسواس الشيطان.
وقوله:{وَمَنَاةَ} كانت بالمشلَّل بين مكة والمدينة، وكانت خزاعة والأوس والخزرج يعظمونها في الجاهلية، وكانوا يهلون منها للحج إلى بيت الله، كما جاء في الصحيح.
• عن عروة قال: سألت عائشة رضي الله عنها فقلت لها: أرأيت قول الله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا}[البقرة: ١٥٨] فوالله ما على أحد جناح أن لا يطوف بالصفا والمروة، قالت: بئس ما قلت يا ابن أختي! إن هذه لو كانت كما أولتها عليه، كانت لا جناح عليه أن لا يتطوف بهما، ولكنها أنزلت في الأنصار، كانوا قبل أن يسلموا يهلون لمناة الطاغية، التي كانوا يعبدونها عند المشلل، فكان من أهلَّ يتحرج أن يطوف بالصفا والمروة، فلما أسلموا سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، قالوا: يا رسول الله! إنا كنا نتحرج أن نطوف بين الصفا والمروة، فأنزل الله تعالى:{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ}[البقرة: ١٥٨] الآية. قالت عائشة: وقد سن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الطواف بينهما، فليس لأحد أن يترك الطواف بينهما.
ثم أخبرتُ أبا بكر بن عبد الرحمن، فقال: إن هذا لعلم ما كنتُ سمعتُه، ولقد سمعت رجالا من أهل العلم يذكرون أن الناس - إلا من ذكرت عائشة ممن كان يُهِلُّ بمناة - كانوا يطوفون كلهم بالصفا والمروة، فلما ذكر الله تعالى الطواف بالبيت ولم يذكر الصفا والمروة في القرآن قالوا: يا رسول الله! كنا نطوف بالصفا والمروة، وإن الله أنزل الطواف بالبيت، فلم يذكر الصفا، فهل علينا من حرج أن نطوف بالصفا