أفما وجدتَ أنّ ذلك كان في كتاب اللَّه قبل أن أُخلق؟ قال: نعم. قال: فبِمَ تلومني في شيء سبق من اللَّه تعالى فيه القضاء قبلي؟ ". قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عند ذلك: "فحَجَّ آدمُ موسى، فحَجَّ آدمُ موسى".
حسن: رواه أبو داود (٤٧٠٢) عن أحمد بن صالح، حدّثنا ابن وهب، أخبرني هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، أن عمر بن الخطّاب، قال (فذكره).
والحديث أخرجه ابن وهب في القدر (٣)، ومن طريقه الفريابيّ في القدر (١١٧)، وابن أبي عاصم في السنة (١٣٧)، وابن خزيمة في التوحيد (٢٧٨)، والدَّارميّ في الرد على الجهمية (٢٩٤).
وإسناده حسن من أجل هشام بن سعد فإنه مختلف فيه، فضعّفه ابن معين والنسائيّ، ومشّاه الآخرون، وهو "صدوق له أوهام" كما قال الحافظ في "التقريب".
وفي الباب عن جندب بن عبد اللَّه، أنّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "احتجّ آدمُ وموسى، فقال موسى: أنت آدمُ الذي خلقك اللَّه بيده، وأسجد لك ملائكته، وأسكنك جنّته، فأخرجتَ النَّاسَ من الجنّة؟ فقال آدم: أنت موسى الذي كلّمك اللَّه نجيًّا، وآتاك التوراة تلومني على أمر قد كتب عليَّ قبل أن يخلقني؟ ! قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فحجّ آدم موسى".
وفي رواية: قال يعني آدم: "فأنا أقدم أم الذّكر".
رواه الإمام أحمد (٩٩٩٠)، وأبو يعلى (١٥٢٨)، والطَّبرانيّ (١٦٦٣) كما رواه أيضًا الفريابي في "القدر" (١١٩)، وابن أبي عاصم في "السنة" (١٤٣)، واللالكائيّ في "الاعتقاد" (١٠٣٦) كلّهم من طرق عن حمّاد بن سلمة، عن حُميد، عن الحسن، عن جندب بن عبد اللَّه، فذكر الحديث.
والحسن مدلّس وقد عنعن، ولم أقف على التصريح بالتحديث.
وأمّا قول الهيمثيّ في المجمع (٧/ ١٩١): "رواه أبو يعلى وأحمد بنحوه، والطَّبرانيّ، ورجالهم رجال الصّحيح". فليس فيه دليل على اتصال الإسناد.
وبعض الرّواة أدخلوا بين الحسن والجندب: "أنس بن مالك" كما هو عند الخطيب في تاريخ بغداد (٤/ ٣٤٩)، وهذا وهم منهم.
والخلاصة أنّ حديث حجاج آدم وموسى عليهما السّلام ثابت بالاتفاق، رواه أبو هريرة وعنه جماعة من التابعين، تتبعه الحافظ ابن حجر فقال: "وقع لنا من طريق عشرة عن أبي هريرة".
وعن أبي سعيد الخدريّ وعمر بن الخطّاب وغيرهم.
والحافظ ابن حجر عزا حديث جندب بن عبد اللَّه إلى النسائيّ، وحديث أبي سعيد إلى البزّار، ولم يحكم عليهما، ولكنه نقل عن ابن عبد البر أنه قال: "وروي عن النّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- من وجوه أخرى من رواية الأئمة الثّقات الأثبات". انظر "الفتح" (١١/ ٥٠٦).