ذلك لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأومأ بإصبعه إلى فيه، فقال: "اكتبْ، فوالذي نفسي بيده ما يخرجُ منه إلّا حقّ".
صحيح: رواه أبو داود (٣٦٤١) عن مسدّد وأبي بكر بن أبي شيبة، قالا: حدّثنا يحيى، عن عبيد اللَّه بن الأخنس، عن الوليد بن عبد اللَّه بن أبي مغيث، عن يوسف بن ماهك، عن عبد اللَّه بن عمرو، قال (فذكره).
قال أبو داود: حدّثنا مؤمّل بن الفضل، حدّثنا الوليد، قال: قلت لأبي عمرو.
وإسناده صحيح، ويحيى هو ابن سعيد القطّان، وعنه رواه الإمام أحمد (٦٥١٠)، والحاكم (١/ ١٠٥ - ١٠٦) وقال: "رواة هذا الحديث قد احتجّا بهم عن آخرهم غير الوليد هذا، وأظنه الوليد بن أبي الوليد الشّاميّ، فإنه الوليد بن عبد اللَّه، وقد غلبت على أبيه الكنية، فإن كان كذلك فقد احتجّ به مسلم" انتهى.
وقال الذهبيّ في "تلخيصه": "إن كان الوليد هو ابن أبي الوليد الشّامي فهو على شرط مسلم".
قلت: كذا قالا، والصّحيح أنه الوليد بن عبد اللَّه بن أبي مغيث العبدريّ مولاهم المكيّ كما ساق نسبه أبو داود، ومن رواته ورواة ابن ماجه غير أنه ثقة، وثّقه ابنُ معين وغيره.
وأمّا الوليد بن أبي الوليد الشّاميّ فلا يوجد من يسمّي بهذا الاسم فضلا عن أن يكون من رواة مسلم، والذي روى له مسلم هو الوليد بن أبي الوليد المدني لا الشّاميّ كما قال الحاكم، إلّا أن يكون أحد الرواة نسبه إلى الشّام خطأ، واسم أبيه عثمان لا عبد اللَّه.
والحديث المذكور أخرجه الحاكم (١٠٤ - ١٠٥) أيضًا من وجهين آخرين عن ليث بن سعد المصريّ، حدّثني خالد بن يزيد، عن عبد الواحد بن قيس، عن عبد اللَّه بن عمرو، فذكر نحوه غير أنّ النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أشار إلى شفتيه فقال: "والذي نفسي بيده! ما يخرج مما بينهما إلّا حقّ فاكتبْ".
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد، أصل في نسخ الحديث عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولم يخرجاه، وقد احتجا بجميع رواته إلّا عبد الواحد بن قيس وهو شيخ من أهل الشّام، وابنه عمر بن عبد الواحد الدّمشقيّ أحد أئمّة الحديث".
• عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه، قال: قلت: يا رسول اللَّه! أكتبُ كلَّ ما أسمع منك؟ قال: "نعم". قلت: في الرِّضا والغضب؟ قال: "نعم، فإنّي لا أقول في ذلك كلّه إلّا حقًّا".
حسن: رواه الإمام أحمد (٦٩٣٠)، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم" (٣٨٨)، والخطيب في "تقييد العلم" (٨٠) كلّهم من طريق محمد بن إسحاق، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه، فذكر الحديث.
وإسناده حسن؛ لأنّ محمّد بن إسحاق قد صرّح بالتحديث عند الخطيب فأمن تدليسه.