وأما قول أبي حاتم في المراسيل (٩١١): "يحيى بن جابر عن المقدام مرسل". فقد جاء تصريح يحيى بن جابر بالسماع عن المقدام في هذا الحديث كما عند أحمد والحاكم، فهذا محمول على الاتصال.
وأما ما لم يصرّح فيه بالسماع فهو محمول على الإرسال كما قال أبو حاتم، وبين وفاه المقدام ويحيى بن جابر تسعة وثلاثون سنة فيمكن لقاؤهما.
وعلى ذلك فهو من الطبقة الخامسة -يعني الذين رأوا الواحد أو الاثنين من الصحابة- وليس من الطبقة السادسة الذين لم يثبت لهم لقاء أحد من الصحابة كما ذكره ابن حجر في ترجمة يحيى بن جابر الطائي في التقريب.
ويقوّيه ما رواه ابن حبّان (٥٢٣٦) من طريق صالح بن يحيى بن المقدام بن معدي كرب، عن أبيه، عن جده المقدام، فذكر مثله.
وصالح بن يحيى بن المقدام وأبوه ذكرهما ابن حبّان في الثقات ولم يوثقهما غيره. لكنه لا بأس بهما في المتابعات.
• عن أبي بن كعب قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن مطعم ابن آدم جُعل مثلا للدنيا، وإن قزَحَه، وملَحَه، فانظروا إلى ما يصير".
حسن: رواه عبد اللَّه بن أحمد في زوائد مسند أبيه (٢١٢٣٩)، وابن أبي عاصم في الزهد (٢٠٥)، وصحّحه ابن حبان (٧٠٢) كلهم من طريق أبي حذيفة موسى بن مسعود، حدّثنا سفيان، عن يونس بن عبيد، عن الحسن، عن عُتي -هو ابن ضمرة- عن أبي بن كعب، فذكره.
وإسناده حسن من أجل موسى بن مسعود فإنه حسن الحديث.
والحديث روي أيضًا موقوفا ولا يضر.
عُتيّ: هو ابن ضمرة التيمي السعدي البصري. قال ابن سعد: "كان ثقة قليل الحديث". ووثّقه العجلي وابن حبّان، ولكن قال ابن المديني: "مجهول، وحديثه يشبه حديث أهل الصدق وإن كان لا يعرف". أي لقلة حديثه.
وقوله: "وإن قزحه" أي: أصلحه بالأبزار، يعني حبوب التوابل.
وقوله: "وملحه" أي: طرح فيه من الملح بقدرٍ.
وأما ما روي عن أبي عثمان، عن سلمان قال: جاء قوم إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال لهم: "ألكم طعام؟ " قالوا: نعم، قال: "فلكم شراب؟ " قالوا: نعم، فقال: "فتصفونه؟ " قالوا: نعم، قال: "وتبردونه؟ " قالوا: نعم، قال: "فإن معادهما كمعاد الدنيا، يقوم أحدكم إلى خلف بيته، فيمسك على أنفه من نتنه". فالصواب أنه مرسل.
رواه يحيى بن صاعد في زوائد الزهد لابن المبارك (٤٩٢)، والطبراني في الكبير (٦/ ٣٠٤)