كان لابن آدم واديان من مال لابتغى واديا ثالثا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، وكنا نقرأ سورة كنا نشبهها بإحدى المسبحات، فأنسيتها غير أني حفظت منها: يا أيها الذين آمنوا لم تقولون مالا تفعلون، فتكتب شهادةً في أعناقكم، فتسألون عنها بيوم القيامة.
صحيح: رواه مسلم في الزكاة (١٠٥٠) حدثني سويد بن سعيد، حدّثنا علي بن مسهر، عن داود، عن أبي حرب بن أبي الأسود، عن أبيه قال: فذكره.
هذا الحديث وغيره مما سيأتي ذكره بمعناه يدل على أن قوله:"لو كان لابن آدم واديان. . . " إلى آخر الحديث، كان من سورة البينة، بل قول أبي موسى الأشعري يدل على أن السورة التي فيها قوله:"لو كان لابن آدم" تشبه في الطول والشدة بسورة "البراءة" أي في الطول نحو (١٢٩) آية كما في سورة البراءة، ولم يبق منها إلا قوله:"لو كان لابن آدم" الحديث.
هذا القول وما سيأتي بعده كله يحمل على ظن هؤلاء الصحابة رضوان اللَّه عليهم بأنه من القرآن لنسق نظمها، فلما نزلت سورة: كما في حديث أنس في أول حديث الباب فهموا أن قوله: "لو كان لابن آدم" ليس من القرآن، وإنما هو من قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وروي هذا الحديث بالمعنى بألفاظ مختلفة في ظاهرها التعارض، والجمع ممكن بأن الأصل أنه ظن.
ونقل القرطبي في تفسيره (٢٠/ ١٣٩) قول أبي بكر الأنباري فقال: "حدّثنا أحمد بن الهيثم بن خالد، قال: حدّثنا علي بن الجعد، قال: حدّثنا عكرمة، عن عاصم، عن زر بن حبيش قال: في قراءة أبي بن كعب: ابن آدم لو أعطي واديا من مال لالتمس ثانيا، ولو أعطي واديين من مال لالتمس ثالثا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب اللَّه على من تاب. قال عكرمة: قرأ علي عاصم (لم يكن) ثلاثين آية، هذا فيها.
قال أبو بكر: هذا باطل عند أهل العلم، لأن قراءتي ابن كثير وأبي عمرو متصلتان بأبي بن كعب، لا يقرأ فيهما هذا المذكور في (لم يكن) مما هو معروف في حديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، على أنه من كلام الرسول عليه السلام، لا يحكيه عن رب العالمين في القرآن. وما رواه اثنان معهما الإجماع، أثبت مما يحكيه واحد مخالف مذهب الجماعة". اهـ.
• عن ابن عباس قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول:"لو أن لابن آدم ملء واد مالا لأحب أن يكون إليه مثله، ولا يملأ نفس ابن آدم إلا التراب، واللَّه يتوب على من تاب"
قال ابن عباس: فلا أدري أمن القرآن هو أم لا؟
وفي لفظ:"لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى ثالثا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب اللَّه على من تاب".