ومثله معه، ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن، فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه، وما وجدتم فيه من حرام فحرموه، ألا لا يحل لكم لحم الحمار الأهلي، ولا كل ذي ناب من السبع، ولا لقطة معاهد إلا أن يستغني عنها صاحبها، ومن نزل بقوم فعليهم أن يقروه، فإن لم يقروه فله أن يعقبهم بمثل قراه".
صحيح: رواه أبو داود (٤٦٠٤) وأحمد (١٧١٧٤) كلاهما من طريق حريز بن عثمان، عن عبد الرحمن بن أبي عوف الجرشي، عن المقدام بن معدي كرب، فذكره، واللفظ لأبي داود.
وهذا إسناد صحيح. وللحديث طرق أخرى عن المقدام بن معدي كرب.
ولا يصح ما روي عن عوف بن مالك قال: خرج علينا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالهاجرة وهو مرعوب فقال: "أطيعوني ما كنت بين أظهركم، وعليكم بآيات اللَّه، أحلوا حلاله، وحرموا حرامه".
رواه الطبراني في الكبير (١٨/ ٣٨) من طريق سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، ثنا معاوية بن صالح، عن محمد بن حرب، عن بحير بن سعد، عن خالد بن معدان، عن كثير بن مرة، عن نعيم ابن همار، عن المقدام بن معد يكرب، عن أبي أيوب الأنصاري، عن عوف بن مالك، فذكره.
وسأل ابن أبي حاتم أباه عن هذا الحديث فقال: "هذا حديث باطل". علل ابن أبي حاتم (١٤١٠).
قلت: متنه غريب جدًّا؛ فإنه لم يثبت في الأحاديث الصّحيحة الثابتة في طاعة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- هذا القيد: "ما كنت فيكم"، بل أجمع أهل العلم أن طاعته -صلى اللَّه عليه وسلم- في حياته وبعد مماته على حد سواء.
وفي إسناده سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، وهو ابن بنت شرحبيل الدمشقي صدوق إلا أنه وقع في حديثه المناكير والأباطيل، وهذا منها.
ولا يصحُّ أيضًا ما رواه أحمد (٦٦٠٥) عن يحيى بن إسحاق، حدّثنا ابن لهيعة، عن عبد اللَّه بن هبيرة، عن عبد الرحمن بن مريح الخولاني، قال: سمعت أبا قيس مولى عمرو بن العاص، يقول: سمعت عبد اللَّه بن عمرو، يقول: فذكر حديثا وفي آخره: "فاسمعوا وأطيعوا ما دمت فيكم، فإذا ذهب بي، فعليكم بكتاب اللَّه، أحلوا حلاله، وحرموا حرامه".
في إسناده ابن لهيعة سيء الحفظ، وعبد الرحمن بن شريح مجهول كما قال أبو حاتم.
• عن العرباض بن سارية السلمي قال: نزلنا مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- خيبر، ومعه من معه من أصحابه، وكان صاحب خيبر رجلًا ماردًا منكرًا، فأقبل إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: يا محمد! ألكم أن تذبحوا حمرنا، وتأكلوا ثمرنا، وتضربوا نساءنا؟ ! فغضب -يعني: النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقال: "يا ابن عوف! اركب فرسك، ثم ناد: ألا إن الجنة لا تحل إلا لمؤمن، وأن اجتمعوا للصلاة" قال: فاجتمعوا، ثم صلى بهم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم قام فقال: