قال ابن الصلاح (١): ومثال العلة في المتن: ما انفرد مسلم بإخراجه في حديث أنس من اللفظ المصرح بنفي القراءة "بسم اللَّه الرحمن الرحيم" فعلّل قوم رواية اللفظ المذكور -يعني التصريح بنفي قراءة البسملة- لما رأوا الأكثرين إنما قالوا فيه: فكانوا يستفتحون القراءة بـ الحمد للَّه رب العالمين من غير تعرض لذكر البسملة، وهو الذي اتفق البخاري ومسلم على إخراجه في الصحيح، ورأوا أن من رواه باللفظ المذكور رواه بالمعنى الذي وقع له ففهم من قوله: "كانوا يستفتحون بالحمد أنهم كانوا لا يبسملون، فرواه على ما فهم وأخطأ، لأن معناه أن السورة التي كانوا يفتتحون بها من السور هي الفاتحة، وليس فيه تعرض لذكر التسمية.
كذا قال! ورواية مسلم صريحة في نفي قراءة البسملة في أول القراءة وبعدها، فالجمع بين الروايتين أنهم كانوا يُسِرّون ولا يجهرون، إلا أن ابن عبد البر حكم عليه بالاضطراب مع أن الجمع ممكن.
ويحكم على الحديث المضطرب بأنه ضعيف إلا في حالات:
١ - أن يقع الاختلاف في اسم راو أو اسم أبيه، أو نسبه وهو ثقة فلا يضر هذا الخلاف.
٢ - إذا كان الراويان اشتركا في الاسم والطبقة وكلاهما ثقتان فلا يضر عدم تحديدهما، مثل: السفيانين.
٣ - اختلاف في تحديد الصحابي فلا يضر عدم تحديده إذا كان الإسناد إليه صحيحا لأن الصحابة كلهم عدول، وكذا إن جاء عن رجل من الصحابة.
٤ - الاختلاف على الراوي بعينه بأنه روى مرة عن شخص، ومرة عن شخصين، ومرة عن ثلاثة، وهو ثقة صاحب الروايات فيحمل هذا على نشاطه في الرواية مثل أن يروي الزهري، عن الأغر، ومرة عن سعيد، ومرة عن سعيد والأغر وأبي سلمة، فإذا صحّ الإسناد إلى الزهري فلا يضر هذا الاختلاف؛ لأنه ينشط مرة فيذكر جميع شيوخه، وتارةً يقتصر على بعضهم حسب نشاطه، وله أمثلة كثيرة في الجامع الكامل.