وكذلك لا يصح حديث:"شيّبتْني هود وأخواتها" قال الدارقطني: هذا حديث مضطرب، وذكر فيه وجوه الاضطراب، ولذا أعرضت عن ذكره في الجامع.
وأما الاضطراب في المتن فمثاله حديث فضالة بن عبيد أنه اشترى قلادة يوم خيبر باثني عشر دينارا، فيها ذهب وخرز، قال: ففصلتها فوجدت فيها أكثر من اثني عشر دينارا، فذكرت ذلك للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال:"لا تباع حتى تفصل".
ففي بعض الروايات: أن فضالة اشتراها، وفي بعضها أن غيره سأله عن شرائها، وفي بعضها: أنه ذهب وخرز، وفي بعضها: ذهب وجوهر، وفي بعضها: خرز معلقة بذهب، وفي بعضها باثني عشر دينارا، وفي بعضها: بتسعة -دينارا-، وفي بعضها: بسبعة.
والقصة واحدة رويت بألفاظ مختلفة مع صحة أسانيدها فإن بعضها في صحيح مسلم في كتاب المساقاة (٩٠، ٩١، ٩٢)، فحكم عليه بالاضطراب في المتن، ولكن يمكن الجمع بين هذه الروايات بأن المنع هو بيع الذهب بالذهب ومعه شيء آخر.
وقد ذكروا أيضًا مثال الاضطراب في المتن ما رواه مسلم في صحيحه (٣٩٩: ٥٠، ٥٢) من حديث شعبة قال: سمعت قتادة، يحدث عن أنس قال:"صليت مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأبي بكر وعمر وعثمان فلم أسمع أحدا منهم يقرأ: بسم اللَّه الرحمن الرحيم"، ثم رواه من حديث الوليد بن مسلم، حدثنا الأوزاعي، عن قتادة، أنه كتب إليه يخبره عن أنس بن مالك أنه حدّثه قال: صليت خلف النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأبي بكر وعمر وعثمان فكانوا يستفتحون بـ الحمد للَّه رب العالمين، ولا يذكرون بسم اللَّه الرحمن الرحيم في أول القراءة ولا في آخرها.
قال النووي في شرح مسلم: استدل بهذا الحديث من لا يرى البسملة من الفاتحة، ومن يراها منها، ويقول: لا يجهر ومذهب الشافعي وطوائف من السلف والخلف أن البسملة آية من الفاتحة، وأنه يجهر بها حيث يجهر بالفاتحة، واعتمد أصحابنا ومن قال: بأنها آية من الفاتحة وأنها كتبت في المصحف بخط المصحف، وكان هذا باتفاق الصحابة وإجماعهم على أن لا يثبتوا فيه بخط القرآن وغيره.
قلت: الجمع بين قول أنس بن مالك وبين ما هو مثبت في المصحف أن يقرأ