قال: رب، فأعلاهم منْزلة؟ قال: أولئك الذين أردت، غرست كرامتهم بيدي، وختمت عليها، فلم تر عين، ولم تسمع أذن، ولم يخطر على قلب بشر"، قال: ومصداقه في كتاب اللَّه عز وجل: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ}[السجدة: ١٧].
صحيح: رواه مسلم في الإيمان (١٨٩) من طرق عن الشعبي، يخبر عن المغيرة بن شعبة، قال: سمعته على المنبر يرفعه إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.
وهذا الحديث روي مرفوعا وموقوفا، والحكم للرفع؛ لأن فيه زيادة علم.
قوله: "أردت" معناه اخترت واصطفيت.
وقوله: "غرست كرامتهم" معناه اصطفيتهم، وتوليتهم، فلا يتطرق إلى كرامتهم تغيير.
• عن أبي ذر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إني لأعلم آخر أهل الجنة دخولا الجنة، وآخر أهل النار خروجا منها، رجل يؤتى به يوم القيامة، فيقال: اعرضوا عليه صغار ذنوبه، وارفعوا عنه كبارها، فتعرض عليه صغار ذنوبه، فيقال: عملت يوم كذا وكذا كذا وكذا، وعملت يوم كذا وكذا كذا وكذا، فيقول: نعم، لا يستطيع أن ينكر وهو مشفق من كبار ذنوبه أن تعرض عليه، فيقال له: فإن لك مكان كل سيئة حسنة، فيقول: رب! قد عملت أشياء لا أراها ها هنا" فلقد رأيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ضحك حتى بدت نواجذه.
صحيح: رواه مسلم في الإيمان (١٩٠)، من طرق عن الأعمش، عن المعرور بن سويد، عن أبي ذر، فذكره.
• عن عبد اللَّه بن مسعود قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إني لأعلم آخر أهل النار خروجا منها، وآخر أهل الجنة دخولا، رجل يخرج من النار كبوا، فيقول اللَّه: اذهب فادخل الجنة، فيأتيها، فيخيل إليه أنها ملأى، فيرجع فيقول: يا رب! وجدتها ملأى، فيقول: اذهب فادخل الجنة، فيأتيها فيخيل إليه أنها ملأى، فيرجع فيقول: يا رب! وجدتها ملأى، فيقول: اذهب فادخل الجنة، فإن لك مثل الدنيا وعشرة أمثالها -أو: إن لك مثل عشرة أمثال الدنيا- فيقول: تسخر مني -أو: تضحك مني- وأنت الملك" فلقد رأيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ضحك حتى بدت نوأجذه، وكان يقول: "ذاك أدنى أهل الجنة منْزلة".
متفق عليه: رواه البخاريّ في الرقاق (٦٥٧١)، ومسلم في الإيمان (١٨٦: ٣٠٨) كلاهما عن عثمان بن أبي شيبة، حدّثنا جرير، عن منصور، عن إبراهيم، عن عبيدة، عن عبد اللَّه بن مسعود، فذكره.