٧ - رواية شيخ عن شيخ ليس بتوثيق في أصح أقوال الأئمة ولو نصّ على أنه لا يروي إلا عن ثقة؛ لأنه قد يكون ثقة عنده، ضعيف عند غيره، ولذا لم يقبل جمهور أهل العلم مذهب ابن حبان في توثيق من لم يرو عنه إلا واحد مشهور.
٨ - وأما الجرح فالأصل فيه أنه لا يُقبل إلا مفسّرا، لأنه قد استُفِسِرَ فذكرَ ما ليس بجرح، ويدخل في هذا الباب ما هو شرٌّ مثل التحامل والهوى وتكفير بعضهم لبعض لاختلاف المذهب، ولذا وجب أن يُستفسر الجارح سبب جرحه.
وأما تكفير بعضهم لبعض لاختلاف المذهب، أو البدعة فالصحيح الذي عليه أهل السنة: لا نُكفر أحدًا من أهل القبلة إلا بإنكار شيء معلوم من الدين بالضرورة، ولذا لم يكن موقف المحدثين شديدًا في رواية الحديث عن المبتدعة، فمن ثبت أنه يُحرّم الكذبَ على نفسه، وهو من أهل الصدق والأمانة والحفظ والإتقان، وليس بداعية إلى بدعته قبلوا روايته.
٩ - ولكن إن صدر الجرحُ من الأئمة الذين عندهم العلم بمعرفة أسباب الجرح، وهم متصفون بالإنصاف والديانة مثل ابن المديني، وابن معين، وأحمد بن حنبل وغيرهم فيُقبل قولهم ولو كان مجملا، وكتب الرجال غالبها خالية عن بيان أسباب الجرح، فيقال:"فلان ضعيف" أو "فلان متروك"، فالتوقف في قبول قول هؤلاء يؤدي إلى تعطيل الحكم على كثير من الأحاديث.
١٠ - إن اجتمع في الراوي جرحٌ مفسر مع التعديل فالجرح مقدم؛ لأن الجارح معه زيادة علم لم يطلع عليها المعدّل.
١١ - أما إذا تعارض الجرح والتعديل فيُنظر إن كان الجرح مجملا وقد وثّقه أحد أئمة هذا الشأن فلا يقبل الجرح مجملا؛ فإن التوثيق حينئذ يكون مقدما على الجرح؛ لأنه قد ثبت له رتبة الثقة فلا يُزحزح إلا بأمر واضح جليٍّ.
١٢ - وإنْ كثُرَ المعدّلون وجرحه أحد جرحا مفسّرا فينظر إلى مكانة المعدلين والجارح، وفي كل قضية حكم خاص.
١٣ - المبهم الذي لم يُسمَّ، أو سمّي، ولا يعرف عينه، فهذا ممن لا تُقبل روايته، ولكن يعتبر به إذا كان في عصر التابعين، والقرون المشهود لهم بالخير.
١٤ - لقد تبيّن من منهج الدارقطني في تضعيف الرجال أنه كثيرًا ما يعتمد على سبر