يقرأ القرآن الجنبُ ولا الحائض" فهو ضعيف، أخرجه الترمذي (١٣١) وابن ماجه (٥٩٥) كلاهما من طريق إسماعيل بن عياش، عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر، فذكر الحديث.
قال الترمذي: "لا نعلمه يُرْوَى عن ابن عمر إلا من هذا الوجه".
قلت: في الإسناد إسماعيل بن عياش، وهو منكر الحديث عن أهل الحجاز، كما قال البخاري. وقال الإمام أحمد: هذا حديث يتفرد به إسماعيل بن عياش، وروايته عن أهل الحجاز ضعيفة لا يحتج به.
وقال ابن أبي حاتم في عِلله (١/ ٤٩): سمعت أبي، وذكر حديث إسماعيل بن عياش هذا، فقال: خطأ، إنما هو قول ابن عمر. انتهي.
وللحديث طرق أخرى ذكرها الدارقطني في "العلل" (١/ ١١٧)، إلا أنها كلها ضعيفة لا تقوم بها حجة.
وكذلك ما روي عن جابر بن عبد الله مرفوعا: "لا يقرأ الحائض ولا النفساء من القرآن شيئًا" فهو أيضًا ضعيف، رواه الدارقطني (٢/ ٨٧) من طريق محمد بن الفضل، عن أبيه، عن طاوس، عن جابر، فذكر الحديث.
ومحمد بن الفضل ضعيف جدا، رواه ابن عدي في الكامل وأعله بمحمد بن الفضل، وأغلظ في تضعيفه عن البخاري والنسائي وأحمد وابن معين.
ورواه الدارقطني أيضًا (١/ ١٢١) موقوفا على جابر، وفيه ابن أبي أنيسة، ضعيف.
وكذلك ما روي عن علي قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرئنا القرآن على كل حال، ما لم يكن جنبا".
رواه أصحاب السنن: أبو داود (٢٢٩) والترمذي (١/ ٢١٤) واللفظ له، والنسائي (٢٦٦) وابن ماجه (٥٩٤) كلهم من طريق عمرو بن مرة، عن عبد الله بن سَلِمة، عن علي بن أبي طالب، قال الترمذي: حسن صحيح.
قلت: والصواب أنه ضعيف؛ لأن مداره على عبد الله بن سلمة.
قال المنذري: ذكر أبو بكر البزار أنه لا يُروى عن عَليّ إلا من حديث عمرو بن مرة، عن عبد الله بن سلمة. وحكى البخاري عن عمرو بن مرة: كان عبد الله - يعني ابن سلمة - يحدثنا، فنعرف وننكر، وكان قد كبر، ولا يتابع على حديثه. وذكر الشافعي هذا الحديث وقال: لم يكن أهل الحديث يثبتونه.
قال البيهقي: وإنما نوقف الشافعي في ثبوت هذا الحديث لأن مداره على عبد الله بن سلمة الكوفي، وكان قد كبر وأنكر من حديثه وعقله بعض النكرة، وإنما رَوَى هذا الحديث بعدما كَبِر، قاله شعبة. هذا آخر كلامه.
وقوله "ليس الجنابة" معناه: غير الجنابة.