وقال: "وقد اختُلف فيه، فقال الشافعي رحمه الله في "الأم" (١/ ١٠٢) يصلي على النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في التشهد الأول. هذا هو المشهور من مذهبه، وهو الجديد. لكنه يستحب وليس بواجب. وقال في القديم: لا يزيد على التشهد. وهذه رواية المزني عنه، وبهذا قال أحمد وأبو حنيفة ومالك رحمهم الله تعالى وغيرهم".
ثم ذكر الأحاديث التي استدلّ بها للشافعي في وجوب الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في التشهد الأول، وخلص إلى القول بأن المراد من الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذه الأحاديث وغيرها هو التشهد الأخير دون الأول.
قلت: أما الأحاديث في الصلاة على النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في التشهد الأول فمع ضعفها إنها غير مقيدة بالتشهد الأول، ومن هذه الأحاديث:
١ - حديث ابن عمر، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلمنا التّشهد: "التحيات الطيبات، الزاكيات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله" ثم يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم -.
رواه الدارقطني (١٣٣٠) من طرق عن خارجة بن مصعب، عن موسى بن عبيدة، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، فذكره.
قال الدارقطني: موسى بن عبيدة وخارجة ضعيفان.
٢ - وحديث بريدة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا بريدة، إذا جلستَ في صلاتك، فلا تترك الصّلاة عليَّ، فإنّها زكاة الصلاة، وسلِّم على جميع أنبياء الله ورسله، وسلِّم على عباد الله الصّالحين".
رواه الدارقطني (١٣٤٠) من طرق عن سعيد بن عثمان الخزاز، حدثنا عمرو بن شمر، عن جابر، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه، فذكره.
قال الدارقطني: عمرو بن شمر وجابر الجعفي ضعيفان.
٣ - وحديث عائشة، قالت: إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا تقبل صلاة إلا بطهور، وبالصلاة عليَّ".
رواه الدارقطني (١٣٤١) من وجه آخر عن سعيد بن عثمان الخزاز، حدثنا عمرو بن شمر، عن جابر، قال: قال الشعبي: سمعت مسروق بن الأجدع يقول: قالت عائشة (فذكرته).
وفيه أيضًا عمرو بن شمر، وجابر الجعفي ضعيفان كما قال الدارقطني.
وقد أشار البيهقي (٢/ ٣٧٩) إلى هذا بقوله: "رُوي فيه عن عائشة مرفوعًا، وإسناده ضعيف".
٤ - وحديث ابن مسعود، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إذا تشهد أحدكم في الصلاة، فليقل: اللَّهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، وارحم محمدًا وآل