عمرتكم، فإنّه أتمَّ لحجِّكم وأتمَّ لعمرتكم".
ورواه مسلم أيضًا (١٢٤٩) من طريق عاصم (هو الأحول)، عن أبي نضرة، قال: "كنتُ عند جابر بن عبد الله، فأتاه آتٍ فقال: إنّ ابن عباس وابن الزبير اختلفا في المتعتين، فقال جابر: فعلناهما مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم نهانا عنهما عمر فلم نعُدْ لهما".
قوله: "المتعتين" أي متعة الحج، ومتعة النساء.
وفي رواية عند الإمام أحمد (٣٦٩) من طريق همام، حدثنا قتادة بإسناده قال جابر: "تمتعنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومع أبي بكر، فلما ولي عمر بن الخطاب خطب الناس فقال: إنّ القرآن هو القرآن، وإنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو الرسول، وإنّهما كانتا متعتان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إحداهما متعة الحجّ، والأخرى متعة النساء".
وقد صحَّ عن عثمان أيضًا أنّه سئل عن متعة الحجّ فقال: "كانت لنا، وليست لكم". رواه سعيد ابن منصور في "سننه".
وقد ثبت النّهي أيضًا عن معاوية، وابن الزبير وغيرهم من الصحابة عن متعة الحجّ وكراهتهم لها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "ومعلوم أن التمتع بالعمرة إلى الحجّ لا يكره بالاتفاق، فيجب حمل نهيهم على متعة الفسخ، ورخصة المتعة المبتدأة توفيقًا بين أقاويلهم".
• عن عروة بن الزبير: أنه أتى ابن عباس، فقال: يا ابن عباس! طالما أضللتَ النّاس! قال: وما ذاك يا عُريّة؟ قال: الرّجل يخرج محرمًا بحجٍّ أو عمرة فإذا طاف زعمت أنه قد حلَّ، فقد كان أبو بكر وعمر ينهيان عن ذلك. فقال: أهما -ويحكَ! - آثر عندك أم ما في كتاب الله وما سنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أصحابه وفي أمَّته؟ فقال عروة: هما كانا أعلم بكتاب الله وما سنَّ رسول الله مني ومنك.
قال ابن أبي مليكة: فخصمه عروة.
حسن: رواه الطبراني في "الأوسط" (٢١) عن أحمد بن عبد الوهاب، حدثنا أبي (هو عبد الوهاب بن نجدة الحوطيّ)، حدثنا محمد بن حمير، عن إبراهيم بن أبي عبْلة، عن ابن أبي مليكة الأعمى، عن عروة بن الزبير، فذكره.
وإسناده حسن من أجل محمد بن حمير، وهو ابن أنيس السلميّ الحمصيّ فإنه مختلف فيه غير أنه حسن الحديث، وبقية رجاله ثقات.
وقد حسّن إسناده أيضًا الهيثميّ في "المجمع" (٣/ ٣٣٤).
قلت: إذا صحّ هذا علم باليقين بأن الإفراد والقران والتمتع بالعمرة إلى الحجّ كلّها جائزة وهو أمر لا خلاف بين الأمّة، وإنما انحصر الخلاف بينهم في الأفضل منها: