وفي الباب ما روي أيضا عن أم حبيبة بنت أبي سفيان أن أناسًا من أهل اليمن قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأعلمهم الصلاة والسنن والفرائض، ثم قالوا: يا رسول الله، إن لنا شرابًا نصنعه من القمح والشعير. قال: فقال: "الغبيراء؟ " قالوا: نعم، قال: "لا تطعموه" ثم لما كان بعد ذلك بيومين ذكروهما له أيضا، فقال: "الغبيراء؟ " قالوا: نعم، قال: ولا تطعموه" ثم لما أراد أن ينطلقوا سألوه عنه، فقال: "الغبيراء؟ " قالوا: نعم. قال: "لا تطعموه" قالوا: فإنهم لا يدعونها، قال: "من لم يتركها فاضربوا عنقه".
رواه أحمد (٢٧٤٠٧) عن حسن قال: حدثنا ابن لهيعة، قال: حدثنا دراج، عن عمر بن الحكم أنه حدثه عن أم حبيبة بنت أبي سفيان فذكرته.
ورواه أيضا أبو يعلى (٧١٤٧) والطبراني (٢٣/ ٤٨٣) وصحّحه ابن حبان (٥٣٦٧) والبيهقي (٨/ ٢٩٢) كلهم من طرق عن دراج بإسناده اختصره البعض.
وإسناده ضعيف من أجل درّاج بتشديد الراء ابن سمعان أبو السمح، مختلف فيه. فوثّقه ابن معين والدارمي. وقال أبو داود: "أحاديثه مستقيمة" وضعّفه النسائي وأبو حاتم والدارقطني. وقال أحمد: "حديثه منكر" وقال ابن عدي: "عامة الأحاديث التي أمليتُها عن دراج مما لا يتابع عليه".
وفي الإسناد ابن لهيعة أيضا وفيه كلام مشهور إلا أنه توبع، تابعه عمرو بن الحارث عند اليهقي وغيره.
وفي الباب ما روي أيضا عن قبيصة بن ذُؤيب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه، فإن عاد في الثالثة أو الرابعة، فاقتلوه" فأتي برجل قد شرب الخمر فجلده، ثم أتي به فجلده، ثم أتي به فجلده، ثم أتي به فجلده، ورُفع القتل، وكانت رخصة.
قال سفيان وهو ابن عيينة: "حدث الزهري بهذا الحديث وعنده منصور بن المعتمر ومخْول بن راشد فقال لهما: كونا وافدي أهل العراق بهذا الحديث".
رواه أبو داود (٤٤٨٥) عن أحمد بن عبدة الضبي، حدثنا سفيان قال الزهري: أخبرنا عن قبيصة بن ذُؤيب فذكره.
ورواه الشافعي في الأم (٦/ ١٧٧) عن سفيان بن عيينة ومن طريقه البغوي في شرح السنة (١٠/ ٣٣٥) والبيهقي (٨/ ٣١٤) ورواه البيهقي أيضا من وجه آخر عن محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن قبيصة بن ذُويب، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكره مثله. وقال في آخره: فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل من الأنصار يقال له نعيمان فضربه أربع مرات. فرأى المسلمون أن القتل قد أخر، وأن الضرب قد وجب.
وقبيصة بن ذُؤيب ولد عام الفتح على الأصح، وروايته عن أبي بكر وعمر مرسلة.
قال الشافعي: "والقتل منسوخ بهذا الحديث وغيره، وهذا مما لا اختلاف فيه بين أحد من أهل العلم علمه".