فقلنا: ما بعث إليه في هذه السّاعة إلّا لشيء سأله عنه. فسألناه فقال: نعم، سألنا عن أشياء سمعناها من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، سمعتُ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "نضّر اللَّه امرءًا سمع منا حديثًا فحفظه حتّى يبلِّغه غيره، فربَّ حاملِ فقهٍ إلى من هو أفقه منه، وربَّ حاملِ فقهٍ ليس بفقيه".
صحيح: رواه الترمذيّ (٢٦٥٦) -واللّفظ له-، وأبو داود (٣٦٦٠) كلاهما من طريق شعبة، أخبرنا عمر بن سليمان من ولد عمر بن الخطاب، قال: سمعت عبد الرحمن بن أبان بن عثمان يحدّث عن أبيه، فذكر الحديث. ولم يذكر أبو داود القصة.
ورواه ابن ماجه (٢٣٠) من وجه آخر مع زيادات عليهما بدون القصّة، وفي إسناده ليث بن أبي سليم وفيه كلام، ولكن روي في كتاب الزّهد (٤١٠٥) من طريق شعبة بإسناده حديثًا آخر سيأتي في موضعه.
وصحّحه ابن حبان (٦٧) من هذا الوجه وزاد فيه: "ثلاث لا يغلّ عليهنّ قلب مسلم: إخلاص العمل للَّه، ومناصحته لولاة الأمر، ولزوم الجماعة، فإنّ دعوتهم تحيط من ورائهم".
قال الترمذيّ: "هذا حديث حسن".
قلت: بل هو صحيح، فإنّ رجاله ثقات، ولم يظهر لي سبب تحسين الترمذيّ دون تصحيحه.
• عن عبد اللَّه بن مسعود، قال: خطب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في هذا المسجد -مسجد الخيف- فقال: "نضَّر اللَّهُ امرءًا سمع مقالتي هذه فحفظها حتّى يبلِّغه غيره، فربَّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه، وربَّ حامل فقه غير فقيه. ثلاث لا يغلُّ عليهنَّ قلبُ امرئ مسلم: إخلاص العمل للَّه، والنّصيحة لولاة الأمر، ولزوم جماعتهم، فإنّ دعوتهم تحيط من ورائهم".
صحيح: رواه أبو نعيم في أخبار أصبهان (٢/ ٩٠) من طريق عبيد اللَّه بن معاذ، ثنا أبي، عن محمد بن طلحة، عن زُبيد، عن مُرَة، عن عبد اللَّه بن مسعود، فذكره.
وهذا إسناد صحيح، ورواه أيضًا ابن عبد البر في "جامع بيان العلم" (١/ ١٨١) من وجه آخر عن إبراهيم، عن الأسود، عن ابن مسعود.
وأمّا ما رواه الترمذيّ (٢٦٥٨)، وابن ماجه (٢٣٢)، وأحمد (١/ ٤٣٧)، وابن حبان (٦٦) كلّهم من حديث سماك بن حرب، عن عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن مسعود، عن عبد اللَّه بن مسعود، ففيه عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن مسعود لم يسمع من أبيه، وهو مدلِّس، وقد نفى ابنُ معين سماعه من أبيه مطلقًا، وقال ابن المدينيّ: لقي أباه، وسمع منه حديثين. وليس هذا منهما. انظر للمزيد: تعريف أهل التقديس.
• عن جبير بن مطعم، قال: سمعتُ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو يخطب النّاس بالخيف: