بالجرف، فأتاه، فإذا هو واضع رداءه، والمسحاة في يده وهو يحول الماء في أرضه، فلما رآه عبد الرحمن وضع المسحاة من يده، ولبس رداءه، قال: فوقف عليه الرجل فسلم عليه وقال: جئت لأمر، فرأيت أعجب منه، ما أدري أعلمتم ما لم نعلم، أو جاءكم ما لم يأتنا، ما لنا نخف في الجهاد وتتثاقلون عنه، ونزهد في الدنيا وترغبون فيها، وأنتم سلفنا وأصحاب نبينا؟ فقال عبد الرحمن بن عوف: ما علمنا إلا ما علمتم، ولا جاءنا إلا ما جاءكم، ولكنا ابتلينا بالضراء فصبرنا، وابتلينا بالسراء فلم نصبر.
صحيح: رواه عبد الرزاق (٢٠٩٩٧) عن معمر، عن الزهري قال: أخبرني إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف قال: فذكره. وإسناده صحيح.
ورواه الترمذيّ (٢٤٦٤) عن قتيبة، حدّثنا صفوان (واسمه: عبد اللَّه بن سعيد الأموي) عن يونس، عن الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن، عن عبد الرحمن بن عوف قال: ابتلينا مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالضراء فصبرنا، ثم ابتلينا بالسراء بعده فلم نصبر.
قال الترمذيّ:"هذا حديث حسن".
قلت: وهو كما قال؛ فإن في رواية يونس عن الزهري بعض الأوهام.
ولكنه توبع في الإسناد الأول.
• عن أبي هريرة قال: رأيتُ سبعين من أصحاب الصفة، ما منهم رجلٌ عليه رداء، إما إزارٌ وإما كساءٌ، قد ربطوا في أعناقهم، فمنها ما يبلغ نصف الساقين، ومنها ما يبلغ الكعبين، فيجمعه بيده كراهية أن ترى عورتُه.
صحيح: رواه البخاريّ في الصلاة (٤٤٢) عن يوسف بن عيسى، حدّثنا ابنُ فضيل، عن أبيه، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، فذكره.
قوله:"رأيتُ سبعين من أصحاب الصفة" قال ابن حجر في الفتح (١/ ٥٣٦): "هذا يشعر بأنهم كانوا أكثر من سبعين، وهؤلاء الذين رآهم أبو هريرة غير السبعين الذين بعثهم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في غزوة بئر معونة، وكانوا من أصحاب الصفة أيضًا، لكنهم استشهدوا قبل إسلام أبي هريرة".
• عن أبي حرب بن أبي الأسود، أن طلحة حدثه، وكان من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: أتيت المدينة، وليس لي بها معرفة، فنزلت في الصفة مع رجل فكان بيني وبينه كل يوم مد من تمر، فصلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ذات يوم، فلما انصرف، قال رجل من أصحاب الصفة: يا رسول اللَّه أحرق بطوننا التمر، وتخرقت عنا الخنف، فصعد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فخطب ثم قال: "واللَّه، لو وجدت خبزا أو لحما لأطعمتكموه، أما إنكم توشكون أن تدركوا، ومن أدرك ذاك منكم أن يراح عليكم بالجفان، وتلبسون