للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جذوته في النفوس، بالتشكيك في تعاليمه، وصلاحها لكل عصر ويسلكون في هذا السبيل طرقا، وينتهجون أساليب، منها الكذب والافتراء على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والنيل من سيرته، وتفسير أمور كثيرة في التشريع الإسلامي، والتاريخ المواكب لنشره بما يحلو لهم من التلبيس، ووضع الأمور في غير مواضعها، كما اعترف بذلك الدكتور " بجيل كروث " في المؤتمر الذي عقد في عام ١٩٧٩م في قرطبة بأسبانيا، باسم المؤتمر الثاني للمناظرة بين المسلمين والنصارى عندما قال: " لا يوجد صاحب دعوة تعرض للتجريح والإهانة ظلما على مدى التاريخ مثل محمد ".

وكما يلمس ذلك الضغن منهم كل من يقرأ كتب الاستشراق، ويتعمق في دعوات المبشرين وتقاريرهم، مع أن الجميع ومن قبلهم علماء اليهود وأحبارهم في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرفون حقيقة الرسالة المحمدية، وما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من الحق، كما أخبر الله عن سالفيهم عند معاندتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله عز وجل: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (١) وانطلاقا من عقيدتهم هذه فإن أعمال يهود في المدينة وفي خيبر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم معروفة حسبما أبان الله عنهم، ووفق ما رصد في السيرة النبوية الكريمة، ثم جاءت المجابهة في محاولة جيوشهم الوقوف بشدة في وجه الزحف الإسلامي على ديار الشام منذ موقعة مؤتة في عام ٨ هـ، ثم حاولوا الكيد للمسلمين في عهد الخلفاء الراشدين فالأمويين والعباسيين بكل ما أوتوا من قوة وتدبير، ولكن الله أبطل كيدهم، وأظهر دينه وأعز جنده، فاتسعت دائرة الإسلام، وأصبحت ديار الشام قاعدة إسلامية تخرج منها الجيوش لنصرة دين الله، ودعوة الناس إليه.


(١) سورة البقرة الآية ١٤٦