للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه شيء من ذلك، أو يمتنع من الذهاب للكنيسة، أو يتحدث أو يكتب اللغة العربية، وقد وصف المطران " جريرو " " الموريسكيين " وهذا هو الاسم الذي أطلقوه على المسلمين - في عام ١٥٦٥م الموافق لعام ٩٧٣هـ في كتاب باللغة الأسبانية، نقله عنه محمد عبد الله عنان بقوله: إنهم خضعوا للتنصير، ولكنهم لبثوا كفرة في سرائرهم، وهم يذهبون للقداس تفاديا للعقاب، ويعملون خفية في أيام الآحاد والأعياد، ويحتفلون يوم الجمعة، أعظم من احتفالهم بيوم الأحد، ويستحمون حتى في ديسمبر، ويقيمون الصلاة خفية، ويقدمون أولادهم للتنصير خضوعا للقانون، ثم يغسلونهم لمحو آثار التنصير، ويجرون ختان أولادهم، ويطلقون عليهم أسماء عربية، وتذهب عرائسهم إلى الكنيسة في ثياب أوربية، فإذا عدن إلى المنزل استبدلنها بثياب عربية، واحتفل بالزواج طبقا للرسوم العربية؟ ويعلق المؤلف على هذا القول بما نصه: والظاهر أن هذه الأقوال تنطوي على كثير من الصدق، ذاك أن الأمة الموريسكية المهيضة بقيت بالرغم مما يصيبها من شنيع العسف والإرهاق متعلقة بتراثها الروحي القديم، وبالرغم مما فرض على الموريسكيين من نبذ دينهم ولغتهم، فقد لبث الكثير منهم مسلمين في سرائرهم، يزاولون شعائرهم خفية، ويكتبون أحكام الإسلام والأدعية والمدائح النبوية بالقشتالية الأصلية أو بالقشتالية المكتوبة بأحرف عربية (١).

وقد ذكر المقري (٩٩٢ - ١٠٤١هـ): أن النصارى بالأندلس قد شددوا على المسلمين بها في التنصر، حتى أنهم أحرقوا منهم كثيرا بسبب ذلك، ومنعوهم من حمل السكين الصغير فضلا عن غيرها من الحديد، وقاموا في بعض الجبال على النصارى مرارا، ولم يقيض الله لهم ناصرا إلى أن كان إخراج النصارى إياهم عام ١٠١٧ هـ، فخرجت ألوف بفاس، وألوف أخر


(١) نهاية الأندلس ٣٧٨، ٣٧٩.