للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتتلاءم من الناحية اللفظية والمعنوية مع ما قبلها وما بعدها خذ مثالا لذلك قوله تعالى: {وَالْفَجْرِ} (١) {وَلَيَالٍ عَشْرٍ} (٢) {وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ} (٣) {وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ} (٤) {هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ} (٥)، فلو استبدلت كلمة الفجر بكلمة الصبح أو كلمة الوتر بكلمة الفرد أو كلمة الحجر بكلمة العقل لاختل حسن نظم الكلمات.

وتأمل أيضا كلمة يسر تجد أن الياء حذفت منها للانسجام مع كلمة الفجر، عشر، الوتر، الحجر.

ومن أمثلة ذلك قوله تعالى: {ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا} (٦) {إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا} (٧) {قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا} (٨) فلو تقدمت كلمة مني على كلمة العظم لاختل النظم في الآيات ولأحسست بما يشبه الكسر في وزن الشعر (٩).

الثاني: أن الكلمة القرآنية مسوقة في موقعها المناسب بحيث تعطي بمدلولها ما تلقيه من ظلال المعنى المراد بكماله وتمامه مع ما فيه من إيحاءات، ولو استبدلت بغيرها ما استفيد المعنى المراد. وقد تجد كلمة في القرآن الكريم تعبر عن معنى يعجز البشر عن التعبير عنه إلا بعدة كلمات.

خذ مثالا لذلك، كلمة استقاموا في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا} (١٠)، فقد جمعت هذه الكلمة الإتيان بالخير كله والبعد عن الشر كله (١١).

ومن أمثلة ذلك أننا لو أردنا بيان فوائد النار في حياة الناس نقول: إنها مما يحتاج إليها في الحضر والسفر وفي طهي الطعام عند الجوع ثم ننعم بدفئها في برد الشتاء القارص. كل هذه المعاني ذلك عليها كلمة (المقوين) في قوله تعالى:


(١) سورة الفجر الآية ١
(٢) سورة الفجر الآية ٢
(٣) سورة الفجر الآية ٣
(٤) سورة الفجر الآية ٤
(٥) سورة الفجر الآية ٥
(٦) سورة مريم الآية ٢
(٧) سورة مريم الآية ٣
(٨) سورة مريم الآية ٤
(٩) سيد قطب، التصوير الفني ص ٨٨.
(١٠) سورة فصلت الآية ٣٠
(١١) سيد الحكيم، إعجاز القرآن ص ٧٦.