الولي لا يجوز له الإقدام على قتل النفوس بمجرد ما يدور في خلده لأن خاطره ليس بواجب العصمة إذ يجوز عليه الخطأ بالاتفاق ولما أقدم الخضر على قتل ذلك الغلام الذي لم يبلغ الحلم علما منه بأنه إذا بلغ يكفر ويحمل أبويه على الكفر لشدة محبتها له فيتبعانه على الكفر ففي قتله مصلحة عظيمة تربو على بقاء مهجته صيانة لأبويه عن الوقوع في الكفر، وعقوبته دل ذلك على نبوته وأنه مؤيد من الله بعصمته.
وقال ابن كثير:(وقد رأيت أبا الفرج ابن الجوزي طرق هذا المسلك بعينه في الاحتجاج على نبوة الخضر وصححه وحكى الاحتجاج عليه الرماني أيضا).
الرابع: إنه لما فسر الخضر تأويل تلك الأفاعيل لموسى ووضح له عن حقيقة أمره قال بعد ذلك كله: {رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي}(١) الكهف (٨٢). يعني ما فعلته من تلقاء نفسي بل أمرت به وأوحي إلي فيه فدلت هذه الوجوه على نبوته، ولا ينافي ذلك حصول ولايته بل ولا رسالته كما قاله آخرون وأما كونه ملكا من الملائكة فغريب جدا. وإذا ثبتت نبوته كما ذكرناه لم يبق لمن قال بولايته وإن الولي قد يطلع على حقيقة الأمر دون أرباب الشرع الظاهر مستند يستندون إليه ولا معتمد يعتمدون عليه.