للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن أجل هذا كله فكر عمر ثم رأى من واجبه أن يتحرك وأن ينصح الخليفة فإذا لم يسمع النصيحة ويستجب لها يكون قد أدى ما عليه تجاه دينه، ولا يهمه أغضب الخليفة أم رضي، ما دام قد أوصل كلمة الحق إليه وأعلنها صريحة مدوية ليبرئ ذمته أمام الله يوم القيامة.

فأخذ طريقه إلى دمشق حيث الوليد بن عبد الملك فنصحه في عماله وولاته وعنف عليه في النصح، وذات يوم قال له:

- يا أمير المؤمنين، إن عندي لك نصيحة، فإذا خلا لك عقلك واجتمع فهمك فسلني عنها. قال الوليد:

ما يمنعك الآن؟

قال:

- أنت أعلم. إذا اجتمع لك ما أقول فإنك أحق أن تفهم.

فسكت الوليد أياما، ثم دخل عليه عمر في جماعة من أهل الشام.

فقال الوليد:

- نصيحتك يا أبا حفص.

ولعله أراد بذلك أن يحرجه فيخفف، ولكن عمر لم يخفف من صريح النصح فقال: - إنه ليس بعد الشرك إثم أعظم عند الله من الدم، وإن عمالك يقتلون ويكتبون لك ذنب المقتول، وأنت المسئول عنه والمأخوذ به، فاكتب إليهم ألا يقتل أحد منهم أحدا حتى يكتب إليك بذنبه، ثم يشهد عليه ثم تأمر بأمرك على أمر قد وضح لك. فكتم الوليد غيظه وقال:

- بارك الله فيك يا أبا حفص:

ثم رأى الوليد أن يجرب فكتب إلى الأمصار وخص الحجاج بن يوسف بما في نصيحة عمر، فكان جواب الحجاج أن يرسل إلى الوليد برجل حروري من الخوارج كان يسب الخلفاء من بني أمية ثم يسمو في ذلك صعدا ويزداد سبا حتى يبلغ الوليد فيستوفي له الشتم والسب لأنه يراه أجور الخلفاء وأظلمهم ولا سيما حين استعمل الحجاج